وإذا كانَ الوجودُ لشيءٍ لا يستلزمُ وجودَ ما هوَ أعمُّ منهُ لم يَجُزْ أنْ يُجعَلَ المعيَّنُ المختصُّ (?) مستلزِمًا للمشترَكِ المطلَقِ الذي هوَ أعمُّ منهُ، ولا يكونُ ما يشتركُ فيهِ الشَّيئانِ مِنَ الكُلِّيّاتِ المطلَقةِ لازمًا لِما يَختصُّ بهِ كُلُّ واحدٍ، ولكِنْ ما يختصُّ بهِ أحدُهما يَلزَمُهُ ما يخصُّ أحدَهما، فإنسانيَّتُهُ الخاصّةُ يَلزَمُها حيوانيَّتُهُ الخاصّةُ، وما يشتركانِ يلزمُهُ ما يشتركانِ فيه، فالإنسانيّةُ المشترَكةُ يلزمُها الحيوانيّةُ المشترَكةُ، بَلْ ولا يجوزُ أنْ يكونَ المشترَكُ المطلَقُ بشرطِ إطلاقِهِ لازمًا للمختصِّ المعيَّن، ولا ملزومًا لهُ ولا عارضًا ولا معروضًا لهُ، فبَطَلَ أصلُ الحُجّةِ.
وأمّا إذا قيلَ: إنَّ المختصَّ يَلزَمُهُ المختصُّ، فوجودُهُ المعيَّنُ يَلزَمُهُ وجوبُهُ المعيَّنُ، وماهيَّتُهُ المعيَّنةُ ونحوُ ذلكَ، فهذا لا يفيدُهُ؛ فإنَّ الحُجّةَ مبنيّةٌ على أنَّ بينَهما قَدْرًا مشترَكًا وقَدْرًا مميَّزًا، وأنَّ أحدَهما لا بُدَّ أنْ يكونَ مِنْ أحدِ هذهِ الأقسام، وهذا باطلٌ؛ فإنَّهُ لوِ استدلَّ على أنَّ المعيَّن لا يكونُ لازمًا للمعيَّنِ ولا ملزومًا لهُ كانَ ذلكَ نفْيًا لواجبِ الوجودِ بالكُلِّيّة، وهوَ باطلٌ ضرورةً، فإنَّ الوجودَ المشهودَ يَستلزِمُ واجبًا، وهوَ إنَّما استدلَّ على نفيِ تعدُّدِهِ لا على نفيِ وجودِه، وهذا الدَّليلُ لا يفيدُهُ مقصودُهُ.
الوجهُ الثّاني: أنْ يُقالَ: قولُ السّائلِ: لو كانَ لنا واجبا وجودٍ، فلا يخلو إمّا أنْ يمتازَ أحدُهما عَنِ الآخرِ أو لا.
يُقال لهُ: لا بُدَّ لهُ مِنْ الامتيازِ.
قولُهُ: وإنِ امتازَ أحدُهما عَنِ الآخرِ عادَتِ الأقسامُ الأربعةُ، فإمّا أنْ