يكونَ ما يتَّفقُ فيهِ لازمًا مِنْ لوازمِ ما يختلفُ فيهِ أو بالعكس، أو عارضًا لهُ أو بالعكس، فيقالُ لهُ: هَبْ أنَّ ما اشترَكا فيهِ مِنْ نفسِ الأمرِ لما امتازَ بهِ كُلٌّ منهُما عَنِ الآخر، كما أنَّ الحيوانيّةَ لازمةٌ للإنسانيّة، والإنسانيّةَ لازمةٌ لهذا الإنسان، لكِنَّ الذي اشترَكا فيهِ لا يوجدُ في الخارجِ مشترَكًا مطلَقًا، وإمّا (?) يوجدُ في الذِّهنِ والعِلمِ كذلكَ، وإذا كانَ هذا المشترَكُ لازمًا للمُمَيَّزِ (?) لم يكُنْ في ذلكَ محذورٌ، ولو كانَ الملزومُ عِلّةً للَّازمِ فإنَّ وجودَهُ المعيَّنَ داخلٌ في المميَّزِ والمشترَكِ الذي في الذِّهن، ليسَ مقوّمًا للحقيقةِ الموجودةِ في الخارج، فلا يكونُ في حقيقتِهِ الموجودةِ شيءٌ هوَ معلولٌ، فضلًا عَنْ أنْ يكونَ وجودُهُ معلولًا، وإنَّما المعلولُ هوَ ما يوجدُ في الذِّهن، وذلكَ غيرُ داخلٍ في حقيقتِهِ الخارجيّةِ كونهُ معدومًا.
الوجهُ الثّالثُ: أنَّ ما جعلتَهُ أنتَ مُشترَكًا ومميَّزًا فكُلٌّ منهما لازمٌ للآخرِ وملزومٌ لهُ، وهذا قسمٌ أهملتَهُ، وكانَ عليكَ أنْ تقولَ: إِمَّا أنْ يكونَ لازمًا أو ملزومًا، أو لازمًا ملزومًا كالإنسانيّةِ والنّاطقيّةِ والضّاحكيّة، فإنَّ كُلًّا منهُما لازمٌ للآخرِ ملزومٌ لهُ، وإذا كنتَ قد أهملْتَ هذا القِسمَ كانَتِ الحُجّةُ غيرَ تامّةٍ ولا مفيدةٍ للمقصودِ.
الوجهُ الرّابعُ: قولُكَ بعدَ هذا: فأمّا الأوَّلُ مِنَ الأربعةِ وإنْ كانَ جائزًا لكِنْ لا يجوزُ هنا؛ لأنَّ اختلافَهُما في الوجودِ والوجوبِ معًا ... إلى آخرِ الكلامِ.