حفظ ما قبله من الأطراف وضمها، وجمع سوام الرعايا من الأماكن المخوفة ولمها، وإصلاح ما يحتاج إلى إصلاحه من مسالك الأرباض المتطرفة ورمها؛ فإن الاحتياط على كل حال من آكد المصالح الإسلامية وأهمها، فكأنه بالعدو وقد زال طمعه، وزاد ظلعه، وذم عقبى مسيره، وتحقق سوء منقلبه وضميره، وتبرأ من الشيطان الذي دلاه بغروره، وأصبح لحمه موزعا بين ذئاب الفلاة وضباعها، وبين عقبان الجو ونسوره، ثقة من وعد الله الذي تمسكنا منه باليقين، وتحققنا أن الله ينصر من نصره، وأن العاقبة للتقين.
ومنه قوله:
هذه المكاتبة إلى فلان- أتبع الله ما ساءه من أمرنا مع العدو بما يسره، وبلغه عنا من الانتصاف والانتصار ما يظهر من صدق الصفاح وألسنة الرماح سره وأراه من عواقب صنعه الجميل ما يتحقق به أن كسوف الشمس لا ينال طلعتها، وأن سرار القمر لا يضره- توضح لعلمه أنه ربما اتصل به خبر تلك الوقعة التي صدقنا فيها اللقاء، وصدمنا العدو صدمة من لا يحب البقاء، وأريناه حربا لو أعانها التأييد فللت جموعه، وأذقناه ضربا لو أن حكم النصر فيه إلى النصل أوجده مصارعه وأعدمه رجوعه، وحين شرعت رياح النصر تهب، وسحاب الدماء من مقاتلهم تصوب وتصب، وكرعت الصفاح في موارد نحورهم، وكشفت الرماح خبايا صدورهم، ولم يبق إلا أن تستكمل سيوفنا الريّ من دمائهم، وتقف صفوفنا على ربوات أشلائهم، وتقبض بالكف من صفحت الصفاح عن دمه، وتكف بالقبض يد من ألبسته الجراح حلة عندمه، أظهروا الجزع في عزائمهم، وحكموا الطمع في غنائمهم، فحصل لجندنا إعجاب أعجل سيوفنا أن تتم هدم بنيانهم، وطمع منع فوارسنا أن تكف عن النهب إلى