إلى العدى، والهمم قد نهضت إلى عدو الإسلام فلو كان في مطلع الشمس لاستقربت ما بينها وبينه من المدى، والسيوف قد أنفت من الغمود فكادت تنفر من قربها، والأسنة قد ظمئت إلى موارد القلوب، فتشوقت إلى الارتواء من قلبها، والكماة وقد زأرت كالليوث إذا دنت فرائسها، والجياد قد مرحت لما عودتها من الاشتغال بجماجم الأبطال فوارسها، والجيوش وقد كاثرت النجوم أعدادها، وسايرتها للهجوم على أعداء الله من ملائكته الكرام أمدادها، والنفوس قد أضرمت الحمية للدين نار غضبها، وعداها حر الإشفاق على ثغور المسلمين عن برد الثغور وطيب شنبها، والنصر قد أشرقت في الوجود دلائله، والتأييد قد ظهرت على الوجوه مخايله، وحسن اليقين بالله في إعزاز دينه قد أنبأت بحسن المآل أوائله، والألسن باستنزال نصر الله لهجة، والأرجاء بأرواح القبول أرجة، والقلوب بعوائد لطف الله بهذه الأمة مبتهجة، والحماة وما منهم إلا من استظهر بإمكان قوته وقوة إمكانه، والأبطال وليس فيهم من يسأل عن عدد عدوه بل عن مكانه، والنيات على طلب عدو الله حيث كان مجتمعة، والخواطر مطمئنة بكونها مع الله بصدقها، ومن كان مع الله كان الله معه، وما بقي إلا طي المراحل، والنزول على أطراف الثغور نزول الغيث على البلد الماحل، والإحاطة بعدو الله من كل جانب، وإنزال نفوسهم على حكم الأمرين الأمرّين، من عذاب واصل وهم ناصب، وإحالة وجودهم إلى العدم، وإحالة السيوف التي إن أنكرتها أعناقهم فما بالعهد من قدم، واصطلامهم على أيدي العصابة المؤيدة بنصر الله في حربها، وابتلاؤهم من حملاتها بريح عاد التي تدمر كل شيء بأمر ربها.
فليكن مترقبا لطلوع طلائعها عليه، متيقنا من كرم الله تعالى استئصال عدوه الذي إن فر أدركته من ورائه، وإن ثبت أخذته من بين يديه، وليجتهد في