على الركوب بطائفة أعجل من السيل، وأهول من الليل، وأيمن من نواصي الخيل، وأقدم من النمر، وأوقع على المقاصد من الغيث المنهمر، وأروع في مخاتلة العدى من الذئب الحذر، على خيل تجري ما وجدت فلاة وتطيع راكبها مهما أراد منها سرعة أو أناة، تتسنم الجبال الصم كالوعل، وإذا جارتها البروق غدت وراءها تمشي الهويني كما يمشي الوجي الوحل «1» ، وليكن كالنجوم في سراه، وبعده ذراه؛ إن جرى فكالسهم، وإن خطر فكالوهم، وإن طلب فكالليل الذي هو مدرك، وإن طلب فكالجنة التي لا يجد ريحها مشرك؛ حتى يأتي على عدو الدين من كل شرف، ويرى جمعه من كل طرف، ولا يسرف في الإقامة عليه، إلا إذا علم أن الخير في السرف؛ وليحرز جمعهم، ويسبق إلى التحرز منهم بصرهم وسمعهم، وينظرهم بعين منعها الحزم أن ترى العدد الكثير قليلا، وصدها العزم أن ترى العدو الحقير جليلا، بل ترى الأمر على قصه، وتروي الخبر على نصه، وإن وجد مغرورا فليأخذ خبره، وإن قدر على الإتيان بعينه، وإلا فليذهب أثره، ولا يهج فيما لديه نار حرب إلا بعد الثقة بإطفائها، ولا يوقظ عليه عين عدو، مهما ظهر له أن المصلحة في إغفائها، وليكشف من أمورهم ما يبدي عند الملتقى عورتهم، ويخمد في حالة الزحف فورتهم، وليجعل قلبه في ذلك ربيئة طرفه، وطليعة طرفه، وسرية كشفه؛ والله تعالى يمده بلطفه، ويحفظه بمعقبات من بين يديه ومن خلفه.
ومما كتبه إلى بعض نواب الثغور:
أصدرناها ومنادي النفير قد أعلن بيا خيل الله اركبي، ويا ملائكة الرحمن اصحبي، ويا وفود الظفر والتأييد اقربي؛ والعزائم قد ركضت على سوابق الرعب