أسرار الضمائر تكره روايته إلا عنها، فمكرر حديثها في ذلك لا يفضي إلى الملال، وإن لم يكن حسن حديثها الذي يسحر الألباب مما يحل، فليس في الحيث سحر حلال.
ومنه قول في قريب من معناه إلا أنه جعله في البلاغة:
البلاغة تسحر الألباب حتى تحيل العرض جوهرا، وتخيل الهواء المدرك بالسمع لانسجامه وعذوبته في الذوق نهرا، لكنه سحر لم يجن قتل المسلم المتحرز «1» ، فنتأول في حله؛ وإذا كان من الحديث ما هو عقلة المستوفز «1» ، فهذه أنشوطة نشاطه البليغ، وحل عقال عقله.
ومنه قوله:
خطه شكر للعقول، وفتنة تشغل المطمئن بملاحة المرأى المكتوب عن فصاحة المسموع المقول، ولو لم يكن البيان سحرا لما تجسدت منه في طرسها هذه الدرر، ولو لم يكن بعض السحر حلالا، لما انجلى ظلام النقس عما يهدي به من هذه الأوضاح والعذر.
ومنه قوله مما كتب به إلى أمير سرية:
ولا زال أخف في مقاصده من وطأة ضيف، وأخفى في المطالبه من زورة طيف، وأسرع في تنقله من سحابة صيف، وأروع للعدي في تطلعه من سلة سيف، حتى تعجب عدو الدين في الاطلاع على عوراته، من أين دهي وكيف؟
وتعلم أن أول قسمة اللقاء حصل عليه في مقاصده الحيف، أصدرناها إليه نحثه