كلّ بغيض قدّه إصبع ... وأنفه خمسة أشبار
مع أرباب عانات وأصحاب جربّانات، لا تنال العين منهم إلّا خسيسا، وسرحنا الطّرف منه ومنهم، في أحمى من است النّمر «1» ، وأعطس من أنف النغر «2» ، فظننا أنه يريد أن يلقى كتيبة، أو يهزم دوسرا، أو يفلّ الأنكدين، أو يردّ الوافدين؛ ثم رأينا رجالا جوفا، قد خلّقوا صوفا، فأمنّا المعرة، ولم نخش المضرة، وقمنا له وإليه، وجلس يحرق أرمه، وتمثل ببيت لا يقتضيه الحال: من أنا في الحبالة نستبق «3» .
فتركناه على غلوائه، حتّى إذا نفض ما في رأسه، وفرغ جعبته وسواسه، عطفنا عليه، فقلنا: عافاك الله، دعوناك وغرضنا غير المهارشة، واستزرناك وقصدنا غير المناوشة؛ فلتهدأ ضلوعك، وليفرخ روعك: يا مارسر جس لا نريد قتالا «4» ، وما اجتمعنا إلا لخير، فلتسكن سورتك، ولتلن فورتك، ولا ترقص لغير طرب، ولا تحمّ لغير سبب، وإنّما دعوناك لتملأ المجلس فرائد وتذكر أبياتا شوارد، وأمثالا فوارد، ونباحثك فنسعد بما عندك، وتسألنا فتسرّ بما عندنا، ويقف كلّ منّا موقفه من صاحبه، وقديما كنت أسمع بحديثك، فيعجبني الالتقاء بك والاجتماع معك، والآن إذ سهل الله ذلك، فهلم إلى الأدب ننفق يومنا عليه، وإلى الجدل نتجاذب طرفيه؛ فاسمع خبرا وأسمعنا مثله؛ ونبدأ بالفنّ الذي ملكت به زمانك، وفتّ فيه أقرانك، وملكت منه عنانك، وأخذت منه