إن التعاليق والتمائم كانت من عادات الجاهلية، إذ يعتقدون في الخرز والحجر والصنم والشجر أنها تدافع الضر وتجلب المنفعة، ولا يعتقدون في الله جل في علاه ذلك، ثم جاء على ركابهم أهل الإسلام بعدما اندثر العلم، وطمس البيان من قول النبي صلى الله عليه وسلم، ومن فعله وفعل الصحابة رضوان الله عليهم، فانتشر ذلك في الأمة مرة ثانية، وأصبح الناس يعتقدون في غير الله مالا يعتقد إلا في الله، أو يتخذون أسباباً لم يشرعها الله جل في علاه، ولذلك فنحن بصدد تبيين هذه المسائل؛ لأن هذه المسائل من الأهمية بمكان، والإنسان إذا لم يوحد الله جل في علاه توحيداً خالصاً غير مشوب بشرك فلن ينجو عند ربه جل في علاه، قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام:82]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمن فعل ذلك: (لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً)، فهذا يستدل به على أن الشرك الأصغر لا يغتفر، فالرجل الزاني أو شارب الخمر أو السارق لا يداني من أقسم بغير الله، بل الذي يقسم برحمة أمه، أو يقسم بالتراب الغالي، ويقسم بقبر فلان ونحوه هو عند الله أعظم جرماً من الزاني وشارب الخمر.
ونحن اليوم كثيراً ما نسمع من يحلف بأمه، أو يحلف بأبيه، ويقول: الأمر هين، فعليه أن يصحح عقيدته، فهذا الذي يقسم بغير الله جل في علاه هو عند الله أعظم جرماً من الزاني والسارق وشارب الخمر، والدليل على ما قلت قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48]، فقد بين أنه لا يغفر إشراكاً به، وإشراك نكرة في سياق النفي فيفيد العموم، فيدخل فيه الشرك الأكبر والشرك الأصغر، فالشرك الأصغر لا يغفر، بل يعذب صاحبه إذا لم يأت إلى ربه في عرصات يوم القيامة تائباً، والدليل على ذلك هذا الحديث المختلف في صحته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبعض الصحابة: (انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا)، ثم قال له: (إن مت وهي عليك ما أفلحت أبداً)، وعمران بن حصين هنا عندما لبس تلك الحلقة لم يكن يعتقد عند لبس الحلقة أنها تدفع عنه الضر أو تجلب له النفع، بل كان يعتقد أن الله هو الذي ينفع ويضر، ولكن اعتقد أن هذه الحلقة سبب للشفاء، وهذا نوع من أنواع الشرك الأصغر، فالنبي صلى الله عليه وسلم مع علمه أن هذا من الشرك الأصغر قال له: (ما أفلحت أبداً)؛ لأن الشرك الأصغر لا يغتفر، بل لا بد أن يعذب صاحبه، فانظروا إلى هذه الخطورة في الشرك الأصغر، فعلى الإنسان أن يصحح عقيدته، ويتعلم التوحيد الخالص وما ينافيه من الشرك؛ حتى يمثل أمام ربه جل في علاه بقلب سليم وبتوحيد خالص سالم من الشرك.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ونسأل الله جل وعلا أن ييسر لنا الخير.
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.