إن النبي صلى الله عليه وسلم عندما رأى هذه الجاهليات حكم عليها بالكفر، وقال بعدم جوازها، وأن هذا من الشرك بمكان، فلا بد للإنسان أن يترفع عن مثل هذه الأشياء، قال الله تعالى: {وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} [المائدة:3] والفسق قد يقصد به الكفر وقد يقصد به ما دون الكفر، لكن المقصود به هنا الكفر، وقد فسرها بعض العلماء تفسيرات كثيرة وأهم هذه التفسيرات: أن تستشرفوا ما قسم لكم مغيباً بهذه الأساليب، ومن هذه المغيبات: ما كُتب لك في اللوح المحفوظ، بل وما كتب لك وأنت في بطن أمك من رزق وعمر وشقاوة أو سعادة.
فالحكم الأول: أن الله سماه فسقاً، وهذه وضح النبي صلى الله عليه وسلم أنها من الشرك ومن الكفر، فالنبي صلى الله عليه وسلم جاء ليبطل هذه الجاهليات، وجاء في حديث متكلم في إسناده -والصحيح إسناده حسن لذاته- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الطيرة والطرق والعيافة من الجبت)، والجبت اختلف العلماء فيه على قولين: فـ عمر بن الخطاب وابن عباس ومجاهد وغيرهم من الصحابة والتابعين قالوا: الجبت هو: السحر، وفي تأويل آخر قالوا الجبت: هو الشرك ولا منافة فإن السحر من الشرك كما قال الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ} [البقرة:102]، وفي هذا نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الحديث على سبيل الزجر والردع لهؤلاء هدماً للجاهليات وكأنه يقول: عليكم أن تنفروا من هذه الاعتقادات وتبطلوها.