الطرق لغة: الخط، فيخط الساحر أو العراف أو الكاهن خطاً أو خطوطاً في الأرض ويزعم أنه بهذه الخطوط يتوصل إلى علوم الغيوب أو المغيبات، فكان بعضهم من أهل الجاهلية يخطون خطاً واحداً أو يخطون خطين ويقول أحدهم بعدما يخط الخطين: ابني عيان أسرع لنا بالبيان، يعني: الخط الأول الابن الأول والخط الثاني الابن الثاني، فيزعمون بأنه سيأتي لهم الخطان بعلوم الغيوب، فينبئون الناس بذلك.
وبعض العلماء قال: إن الطرق هو الرمي بالحصى، والرمي بالحصى ضرب من ضروب التكهن فيأخذون الحصى فيلقونها على الأرض فتعطي أشكالاً ورسوماً معينة يستدلون بها على علوم الغيب.
مثال ذلك: أن يأتي رجل غر -لا يعرف عن دين الله شيئاً- إلى رجل يحسبه من أولياء الله الصالحين فيقول له: سأتزوج فلانة فهل حياتي معها ستكون حياة سعيدة أم لا؟ فيأتي هذا الكاهن ويخط الخط الأول ويسأله: ما اسمك؟ فيقول: زيد، فيقول: ما اسم المرأة؟ فيقول: هند، فخط خط زيد ثم خط خط هند ثم نظر في الخطين فقال له: هذه الحياة ستكون حياة سعيدة وسيكون لك منها من الولد كذا ومن البنات كذا وتموت يوم كذا وهي تموت بعدك في يوم كذا.
فهذا هو الطرق، أي أنهم يخبرون عن الغيب بالخطوط أو برمي الحصى فينظرون في تحركات الحصى فيخبرون عن الغيبيات.
ومثل هذا كان يحصل في الجاهلية التي كانت قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم والتي قد يعذر أصحابها لاندراس العلم في زمنهم واندثار الشريعة وفترة الرسل حيث لم يرسل رسول في تلك الأزمنة، أما أهل هذه العصور التي انتشرت فيها العلوم والله جل في علاه نصب أهل الدين الذين يناصرون الدين فإن المرء يندهش مما يرى فيها من انتشار لمثل هذه الجاهليات التي نراها في عصورنا المتقدمة والمتحضرة في القرن الواحد والعشرين، فترى في هذه العصور ما يضاهي الجاهلية، ومن هذه الجاهليات -التي نعيش فيها والتي جاء النبي صلى الله عليه وسلم فحطمها وبين أنها من الكفر بمكان- ضرب الودع، وفي مصر يسمونه: وشوشة الودع، وهو حقاً تشويش على القلب، فيأتي أحدهم ويأخذ الودع ويوشوشه، ثم يخبر بما سيحدث مقدماً، ولا تحسبن أن هذا الأمر خفي، والله الذي لا إلا هو إن هذا الأمر لمن الجلاء بمكان، بل إن في وسط الإخوة الملتزمين من يعتقد هذا الاعتقاد الخفي، فمنهم من يتلمس أحداً يخبره عما سيتاجر فيه وهل سيربح في تجارته أم لا.