أما توحيد الألوهية أو توحيد الإلهية: فهو توحيد القصد والطلب، أو هو توحيد الله بأفعال العباد، أو هو توحيد العبادة، وهو إفراد الله جل في علاه بالعبادة، فكل عبادة ثبت بالشرع أنها عبادة لله جل في علاه فلا تصرفها لغير الله جل في علاه، فالذبح والنذر والتوكل والإنابة كل ذلك لا تصرفه إلا لله وحده لا شريك له.
فهذا هو مجمل توحيد الإلهية، وتوحيد الإلهية هو الذي من أجله ميز الله بين الكافرين وبين المؤمنين، فأهل الجاهلية كانوا يقرون بربوبية الله جل في علاه، قال الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [لقمان:25] وقال سبحانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف:87]، فأقروا بربوبية الله جل في علاه لكن نازعوا في الإلهية وقالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص:5]؛ ولذلك أرسل الله جل في علاه الرسل من أجل التمايز بين الناس في توحيد الإلهية، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ} [النحل:36] وهذا توحيد العبادة.
ولقد بين الله جل في علاه أنه ما أرسل من رسول إلا ليدل على توحيده جل في علاه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، فأهل الإلحاد ومشركي العرب ما كفروا إلا بتوحيد الإلهية.