قال العلماء: حد الساحر القتل، والأدلة على ذلك من السنة: عن جندب رضي الله عنه وأرضاه مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (حد الساحر ضربة بسيف).
وفي هذا تصريح على أن حد الساحر أن يضرب بالسيف، أي: تقطع رقبته، وهذا الحديث ضعيف لا يصح مرفوعاً، لكنه يصح موقوفاً على جندب رضي الله عنه وأرضاه.
وورد بسند صحيح وأصله في الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه بعث في الأمصار وقال: اقتلوا كل ساحر، فقتلوا ثلاث سواحر على عهد عمر رضي الله عنه.
وأيضاً: ورد بسند صحيح عن حفصة: أن جارية لها سحرتها فقتلتها حفصة بمرأى ومسمع من الصحابة، ولم ينكر أحد.
فدلت هذه الآثار على أن حد الساحر القتل، وهذا يعتبر إجماعاً سكوتياً؛ لأن عمر لما بعث إلى الأمصار بقتل السحر لم يعارضه أو ينكر عليه أحد، فهو إجماع سكوتي.
وهناك قصة شهيرة جداً تثبت حد الساحر: وهي أن جندباً الأزدي دخل على الوليد بن عقبة وكان أميراً عليهم، فرآه مع الحاشية وأمامه ساحر يلعب برأس رجل، وهذا الساحر يبدو أنه كان يستعمل الجن، فأخذ الساحر يقطع رأس الرجل فيتدحرج أمام الناس، ثم يأخذه فيرده مكانه فيحيا الرجل، فلما رآه جندب قرأ قول الله جل في علاه: ((وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ)) [البقرة:102] ثم استل سيفه فقطع رقبة الساحر، ثم قال له: أحي نفسك الآن، وأنى له ذلك، فعاقبه الوليد وسجنه.
فلما أخبر سلمان بذلك قال: أصاب جندب وأخطأ، فأخطأ في أنه تعدى على ولي الأمر؛ لأن ولي الأمر هو الذي بيده التعزير وإقامة الحدود، وأصاب في أن حد الساحر ضربة بالسيف.
إذاً: فحد الساحر القتل، وهو على نوعين: قتل ردة وقتل حد.
وقد ذكرنا أن السحر نوعان: كفر يخرج من الملة، وكفر دون كفر.
والساحر نوعان: ساحر كافر يخرج من الملة، وساحر لا يخرج من الملة.
وقتل الردة يعني: أنه يقتل كفراً، فهذا مآله إلى نار جهنم خالداً مخلداً فيها لا يخرج منها أبداً، لأنه مات كافراً مرتداً.
وأما قتل الحد فإنه يعني: أن هذا حد يكفر الله به عنه هذه السيئة أو هذه الجريمة كحد الزنا، فإن المحصن الزاني إذا رجم حتى الموت لا يسأل أبداً يوم القيامة عن هذا الذنب؛ لأنه قد طهر بالرجم، كما قالت المرأة: طهرني يا رسول الله! فقال: (لقد تابت توبة لو وزعت على أهل المدينة لوسعتهم) فالقتل حداً يكفر عنه هذه المعصية.
فالذي يستخدم الشياطين يقتل ردة، والذي لا يستخدم الشياطين يقتل حداً.