السحر نوعان: سحر يكون بالاستعانة بالشياطين، وهذا فيه خوارق عادات مذهلة لا يستطيع أحد أن يتصورها، وفيها قلب للحقائق، وأبو حنيفة يرى أن السحر غير حقيقي وأنه تخييل فقط، والأئمة الثلاثة -وهذا الراجح الصحيح- يرون أن فيه قلباً للحقائق، وفيه تأثيراً حقيقياً؛ لأن الله أثبت له التأثير، قال تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة:102]، فمعنى ذلك أنهم يضرون لكن بإذن الله جل في علاه.
وهذه التقسيمات مهمة جداً؛ لأننا بهذا التأصيل سنبين حكم السحر وحكم الساحر.
النوع الثاني من السحر هو استخدام العقاقير الطبية والأدوية، وسحر الأعين وخفة اليد.
والأغلظ هو النوع الأول؛ لأن فيه استخداماً للشيطان، ولا يمكن استخدام الشيطان والتمتع به إلا بعد أن تقدم له القرابين.
وأما النوع الثاني فلا يتعلق بالشياطين، وإنما يتعلق بخفة اليد وسحر الأعين، كما قال الله تعالى حكاية عن موسى أنه قال لهم: {قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} [الأعراف:116] يعني: سحراً عظيماً من التخييل الذي أصبح حقيقة في أعين الناس.
والنوع الثاني مشهور جداً في عصرنا هذا، وهو ما يسمى بعالم السرك، والرعاع والهمج يضيعون أوقاتهم أمام هؤلاء السفهاء ويقفون في ساحة السرك في سهرة نادٍ خاص بهؤلاء السحرة، فيأتون فيه بخفة اليد وخفة الأفعال، ويضحكون على عقول الناس، ويستخفون بأعينهم.