القسم الثالث: الذين قالوا: نعتقد أن الله هو الذي ينزل المطر ولا نسأل النجم أن ينزل المطر, لكن النجم سبب في نزول المطر، فإذا غرب هذا النجم أو طلع هبت الريح، ولا بد أن ينزل المطر.
وهذا أيضاً من الشرك الأصغر، وليس من الشرك الأكبر, لأنه اتخذ سبباً لم يشرعه الله، وقد قال الله تعالى {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21]، وقال الله تعالى (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف:54]، فهذا افتئات على الشرع, وتَقْدِمة بين يدي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهذا الاعتقاد لا دليل عليه من الكتاب ولا السنة، إذاً: فلا يصح كوناً ولا شرعاً.
فالسبب إما شرعي وإما كوني، ولم يأت دليل في الكتاب أو السنة على أن النجم سبب في نزول المطر، فبطل تعلقهم بالسبب الشرعي, وأما السبب الكوني فمثل كون البندول علاجاً للصداع، ولم يرد في الكتاب أو السنة على وجه الخصوص أن البندول علاج للصداع، وإنما ورد على وجه العموم؛ لأن الله جل وعلا قال {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر:62]، فقد جعل الله البندول سبباً في علاج الصداع، وعرفنا ذلك بالتجربة.
إذاً فالسبب الكوني هو السبب المجرب, فالأطباء جربوا تركيبة معينة من الدواء، وأعطوها للمريض، فوجدوا أن هذه التركيبة من أنجح ما تكون في الشفاء من هذا المرض.
والسبب الشرعي كالرقية الشرعية، فتقرأ على نفسك المعوذات وتنفث, وتقرأ الفاتحة وتأخذ ريقك وتضعه على المكان الذي يؤلمك إن كان المرض معنوياً.
وأما الحسي فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ماء زمزم لما شرب له) , وكذلك العسل {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل:69] , وأيضاً حبةُ البركة: {دواء من كل داء) , فكل هذه الأسباب جاء الشرع بإثبات أنها علاج للأدواء.
إذاً: فالسبب الكوني كالأدوية التي جربت, فهل جرب الناس أو علماء الفلك وعلموا أنه كلما سقط نجم وطلع آخر أن المطر سينزل؟
صلى الله عليه وسلم لا, ولا يوجد أحد قال بذلك, فإذا بطل التعلق بالسبب الشرعي وبالسبب الكوني، فقد وقعوا في الشرك الأصغر؛ لأنهم اخترعوا سبباً لم يشرعه الله جل في علاه، والكون كله لله والشرع كله لله والخلق كله بيد الله، فما شرعه الله من الشرع، وما خلقه من الخلق هو الذي ينسب لله جل في علاه.
إذاً: القسم الثالث شرك أصغر ووسيلة إلى الشرك الأكبر؛ لأن الإنسان إذا اتخذ وسيلة لم يشرعها الله جل في علاه فحتما ولا بد أنه سيحوم حول الحمى وسيقع في الشرك الأكبر, وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بسد الذرائع ,وحسم المادة التي توصل إلى الشرك الأكبر.