إن الذين قالوا بالتبرك بآثار الصالحين استدلوا على ذلك بأدلة من الأثر ومن النظر: فأما من الأثر: فاستدلوا بقول الله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ} [البقرة:248]، قالوا: أي أنهم يتبركون بآثار موسى وهارون.
وأما دليلهم من النظر فقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحمل الطفل إليه فيحنكه ويدعو له بالبركة, وهذه دلالة على أن الصالح الذي ارتقى مرتقى النبي صلى الله عليه وسلم وتوظف بوظيفته من تبليغ العلم أنه ينزل منزلة النبي صلى الله عليه وسلم.
واستدلوا أيضاً بحديث عتبان بن مالك: (أنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي عنده في مكان يتخذه مسجداً) تبركاً بأثر فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم من خيار الصحابة الذين ثبتت الأدلة على فضلهم وورعهم, فهذا تبرك بأثر النبي وأثر الصالحين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فيستدلون بذلك على أنه يمكن التبرك بآثار الصالحين.