إشكال وجوابه

هنا إشكال وهو: قال الله تعالى: {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ} [فصلت:16]، وقال جل في علاه: {كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} [القمر:18 - 19]، وقال الله تعالى حاكياً عن لوط: {هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} [هود:77]، وأقره الله ولم ينكر عليه.

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن بين يدي الساعة سنوات خداعة، يصدق فيها الكاذب، ويؤتمن فيها الخائن).

و صلى الله عليه وسلم أن كلام الله جل في علاه ينقسم إلى خبر وإنشاء، فالإنشاء أن تنشئ شيئاً في أمر ونهي تفعله، فالنبي صلى الله عليه وسلم نهاك عن أن تسب الدهر، فالله جل في علاه يخبر عن شيء قد وقع فأنت عندما تقول: رأيت زيداً أمس يقول: بؤساً للدهر، فأنت لم تسب الدهر وإنما أخبرت عن أمر وقع، ولو قلت: حلف أحمد وقال: والنبي، فأنت لم تقسم بغير الله، وإنما حكيت وأخبرت، وأما عندما تقول: والنبي! فأنت أقسمت بغير الله؛ لأنك أنشأت القسم، وهناك فرق بين الخبر والإنشاء، فالآيات السابقة يخبر الله فيها عن هذه الأيام خبراً وليس إنشاء.

إذاً فالكلام والسب للدهر على أقسام ثلاثة: القسم الأول: عن اعتقاد، وهذا كفر مخرج من الملة.

والقسم الثاني: عن تيسير وتسهيل اللفظ بسب الدهر صراحة دون أن يعتقد بغير الله جل في علاه، فهذا كفر أصغر.

والقسم الثالث: مباح، وهو الإخبار بما وقع، أو وصف الحال.

إذاً فنقول: يصح للإنسان أن يتلفظ بسب الدهر إن لم ينشئه وكان يخبر عن غيره في ذلك، فأولئك القوم كانوا يقولون: {يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} [القمر:19]، {هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ} [هود:77].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015