لقد أمرنا الله بالفرار من هذه الجاهلية، سواء الجاهلية المطلقة أو الجاهلية المقيدة؛ حتى نتقن التوحيد ونتمه، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم)، وفي رواية أخرى: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ونهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تشرق الشمس)، والعلة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في نهاية الحديث: (فيسجد آنذاك أهل الكفر للشمس في هذا الوق).
ويقيناً أن المؤمن الذي يصلي بعد العصر أنه يسجد لله لا للشمس، ومع ذلك نهاه النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى لا يشابه أفعال أهل الجاهلية.
وأيضاً قال النبي صلى الله عليه وسلم عن صبغ الشعر: (حمروا أو صفروا، وخالفوا أهل الكتاب)، يعني: في اللحية البيضاء، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتحمير والتصفير؛ لأن أهل الكتاب لا يصبغون، فقال: اصبغوا مخالفة لأهل الكتاب.
وأيضاً في حديث أبي أمامة بسند حسن (أن بعض الصحابة قالوا: يا رسول الله إن اليهود يتسرولون ولا يتزرون، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: تسرولوا واتزروا)، مخالفة لأهل الكتاب.
وأيضاً قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صلوا في نعالكم؛ فإن أهل الكتاب لا يصلون في نعالهم).
وأيضاً قال النبي صلى الله عليه وسلم منكراً على من يتبع أهل الشرك من اليهود والنصارى وغيرهم في أفعالهم: (لتتبعن سنن الذين من قبلكم حذو القذة بالقذة)، وفي رواية أخرى قال: (شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه).
وقال الله تعالى محذراً نبيه، وبالتالي محذراً الأمة: {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة:145]، فبمخالفة أهل الجاهلية يتم لنا التوحيد ويكمل.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.