وهذا يدل على أنهما كانا على علم بما يكتبه وانسبرة حين كانا يؤلفان كتابهما.

على أي حال، فإن الأمور التي وردت في وانسبرة متشابكة ومشوشة للغاية. وبما أنها مبنية على أفكار جولدتسيهر وشاخت الخاطئة الفاسدة فإن الفرع يعتريه ما يعتري الأصل الباطل. وإضافة إلى ذلك فقد أخطأ وانسبرة في أمور أخرى، منها:

أولا: تأثر وانسبرة بما يعرفه عن تدوين الكتاب المقدس وتنقيحه، فيحاول تطبيق تلك القصة على القرآن، ولكنه يتجاهل تماما أن عملية إصدار كتاب ديني مثل الكتاب المقدس، خلاف لكتاب عادي، تتم دائما بواسطة مجلس أو مؤتمر وتكون وقائع مثل هذا الحدث عامة ذات أهمية كبرى ولا تفوت أنظار الناس فيسجلها المؤرخون والمراقبون. والوقت الذي يشير إليه وانسبرة كان قد شهد خلافات سياسية وعقدية بين المسلمين أنفسهم وكانت الدولة العباسية المترامية الأطراف مشتملة على أجزاء من شبه القارة الهندية في الشرق، وأجزاء من أوروبا في الغرب. فلو جرى إصدار كتاب ديني للمسلمين في تلك الفترة لسجله التاريخ بشكل أو بآخر. لكن وانسبرة وأعوانه لا يستطيعون الإشارة إلى أي حادث مثل هذا، لا من مصادر إسلامية ولا من مصادر يونانية أو فارسية أو هندية، فافتراضه لا أساس له من الصحة.

ثانيا: يزعم وانسبرة أن الروايات القرآنية المتفرقة بقيت شفوية عبر قرنين ثم جمعت في القرن التاسع الميلادي في حين يقول إن الروايات الإسلامية التاريخية لم تكن موجودة من قبل، بل اختلقت في القرن التاسع ونسبت إلى وقت مبكر من بداية القرن الأول الهجري. فنظريته بالنسبة لمجموعة من الروايات حسب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015