المؤلف (?) ، حيث اشترط ألا ينساق لعواطفه الخلقية والعقدية والفلسفية (?) ، "وأن تجيء روايته مستقلة قدر المستطاع عن قائلها، فلا يمازجها شيء من ميوله وأهوائه ونزعاته الذاتية، وليس للباحث العلمي أن يختار من الشواهد لبحثه ما يخدم رغبة في نفسه، أو أن يحقق مثلاً أعلى يتمناه" (?) .
إن تحليل نفسية الراوي، ومعرفة أثر الغرور وحب الشهرة في دقة مروياته، من الجوانب التي أولاها المنهج الإسلامي اهتمامه، يقول شعبة بن الحجاج (ت160هـ) : "لا يجيئك الحديث الشاذ إلا من الرجل الشاذ" (?) ، والحديث الشاذ هو أن يروي الثقات حديثاً فيشذ عنهم واحد فيخالفهم، وهذا إما لاختلال الضبط أو للرغبة في الشهرة بمعرفة أحاديث غريبة نادرة. وقد وصف الخطيب أكثر طلبة الحديث في عصره بغلبة كتب الغريب عليهم دون المشهورة، وسماع المنكر دون المعروف (?) ، وكان أبو يوسف القاضي قد نبه من قبل على خطورة ذلك: "من اتبع غريب الحديث كذب" (?) .
إن منهج النقد الحديث يرفض التعلق برواية شاذة، ويطالب بجمع سائر الروايات المتعلقة بحادث معين؛ لتكتمل الصورة، ويُعرف الاتجاه العام في المصادر، وتُكتشف محاولة التزوير، وتزييف الخبر. وعند شذوذ مصدر معين تبرز ثمة دواعٍ لاتهامه، وهي من أبرز مزايا الجمع الكامل والتقميش التام.