إن دراسة الحالة الصحية والعقلية للراوي وما يطرأ عليه من تغيير اهتم بها المنهج النقدي الإسلامي وحاول تحديد وقت المرض، كالاختلاط الذي يؤدي إلى رفض الرواية منذ تاريخ وقوعه دون أن يتعدى أثره تاريخ الراوي السابق، ولا شك أن ضعف الذاكرة وكثرة الغلط تؤدي إلى التوقف في قبول الرواية.
وجاء المنهج النقدي الحديث يؤكد على أهمية الفحص عن دقة الراوي وحالته العقلية والنفسية عند التحمل والأداء (?) ، فهو يحذر "أن يكون المؤلف قد أساء الملاحظة نتيجة لدوافع باطنية أو شعورية (هلوسة أو وهم) " (?) .
وقد قرر المحدثون أن صحة السند لا تقتضي صحة المتن، لذلك فإنهم نقدوا المتن أيضاً، وذلك عن طريق تصحيحه قبل تفسيره وتحليله، وقد كشفوا عن أخطاء وتحريفات وتصحيفات المتن في مؤلفات مستقلة رائدة من أشهرها مؤلَّف العسكري (تصحيفات المحدثين) .
إن جهابذة نقاد السند هم جهابذة نقاد المتن في آن واحد، مثل الإمام البخاري والإمام مسلم في "التمييز" حيث ساق الأخير الأحاديث المنقولة على الوهم في متونها دون أسانيدها، وبين وجه الوهم بذكر ما اشتهر من الأحاديث المخالفة لها في المتن (?) . وتتابعت الجهود لصياغة منهج نقد المتن، وظهرت ضوابط دقيقة ذكر بعضها ابن القيم مثل اشتمال المتون على المجازفات ومخالفتها للحس وسماجة المعنى وركاكة الأسلوب والمناقضة للسنة الصريحة أو لصريح القرآن أو لأنها لا تشبه كلام الرسول صلى الله عليه وسلم