4122 - وَعَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ فَأُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ: أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ؟» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

4122 - (وَعَنْهُ) : أَيْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَرَصَتْ) : أَيْ لَسَعَتْ وَلَدَغَتْ. قَالَ الطِّيبِيُّ: الْقَرْصُ الْأَخْذُ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ، وَهُنَا يُرَادُ بِهِ الْعَضُّ، فَالْمَعْنَى عَضَّتْ (نَمْلَةٌ) : أَيْ وَاحِدَةٌ (نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ) : قِيلَ: مُوسَى، وَقِيلَ: دَاوُدُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ (فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ) : أَيْ مَسْكَنِهَا وَمَنْزِلِهَا سُمِّيَ قَرْيَةً لِاجْتِمَاعِهَا فِيهِ، وَمِنْهُ الْقَرْيَةُ الْمُتَعَارَفَةُ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا، وَالْمَعْنَى فَأَمَرَ بِإِحْرَاقِ قَرْيَةِ النَّمْلِ (فَأُحْرِقَتْ) ؟ قِيلَ الْمَعْنَى أَمَرَ بِإِحْرَاقِ شَجَرَةٍ فِيهَا تِلْكَ النَّمْلَةُ، وَسَبَبُهُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: يَا رَبِّ تُعَذِّبُ أَهْلَ قَرْيَةٍ بِمَعَاصِيهِمْ وَفِيهِمُ الْمُطِيعُ، فَأَرَادَ أَنْ يُرِيَهُ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ، فَسَلَّطَ عَلَيْهِ الْحَرَّ حَتَّى الْتَجَأَ إِلَى ظِلِّ شَجَرَةٍ وَعِنْدَهَا بَيْتُ النَّمْلَةِ! فَغَلَبَهُ النَّوْمُ، فَلَمَّا وَجَدَ لَذَّةَ النَّوْمِ لَدَغَتْهُ، فَأَمَرَ بِإِحْرَاقِ النَّمْلِ جَمِيعِهِ إِمَّا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِخُصُوصِ الْقَارِصَةِ، أَوْ لِكَوْنِهَا مُؤْذِيَةً، وَيَجُوزُ قَتْلُ جِنْسِ الْمُؤْذِي، وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّهُ نَهَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ قَتْلِ كُلِّ ذِي رُوحٍ إِلَّا أَنْ يُؤْذِيَ» ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا نَظِيرٌ لِفِعْلِهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُطِيعِ، وَالْعَاصِي، وَلَا يَكُونُ تَعْذِيبُهُ تَشَفِّيًا بِخِلَافِ الْمَخْلُوقِ، بَلْ فِعْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ الَّذِي يَعْجَزُ عَنْ كُنْهِهِ عِلْمُ الْبَشَرِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَمْثِيلًا؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى عَلِمَ أَنَّ الْمُطِيعَ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ فِي عُمُومِ عَذَابِهِمْ وَخُصَّ بِالْإِخْلَاصِ لَصَدَرَ عَنْهُ مَا يُوجِبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015