3475 - وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ، أَلَا لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ، وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

3475 - (وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ جُمْلَةِ مَا قَدْ كَانَ فِي الصَّحِيفَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي قِرَابِ سَيْفِهِ، (عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ ") : بِالتَّأْنِيثِ وَهَمْزِ آخِرِهِ أَيْ تَتَسَاوَى (" دِمَاؤُهُمْ) : فِي الدِّيَاتِ وَالْقِصَاصِ. فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: يُرِيدُ بِهِ أَنَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ مُتَسَاوِيَةٌ فِي الْقِصَاصِ، يُقَادُ الشَّرِيفُ مِنْهُمْ بِالْوَضِيعِ، وَالْكَبِيرُ بِالصَّغِيرِ، وَالْعَالِمُ بِالْجَاهِلِ، وَالْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ شَرِيفًا أَوْ عَالِمًا، وَالْقَاتِلُ وَضِيعًا أَوْ جَاهِلًا، وَلَا يُقْتَلُ بِهِ غَيْرُ قَاتِلِهِ عَلَى خِلَافِ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانُوا لَا يَرْضَوْنَ فِي دَمِ الشَّرِيفِ بِالِاسْتِقَادَةِ مِنْ قَاتِلِهِ الْوَضِيعِ، حَتَّى يَقْتُلُوا عِدَّةً مِنْ قَبِيلَةِ الْقَاتِلِ. (" وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ ") : أَيْ بِأَمَانِهِمْ (" أَدْنَاهُمْ ") : فِي الْفَائِقِ: الذِّمَّةُ الْأَمَانُ، وَمِنْهَا سُمِّيَ الْمُعَاهَدُ ذِمِّيًّا ; لِأَنَّهُ أُومِنَ عَلَى مَالِهِ وَدَمِهِ لِلْجِزْيَةِ، وَالْمَعْنَى إِذَا أَعْطَى أَدْنَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَمَانًا فَلَيْسَ لِلْبَاقِينَ إِخْفَارُهُ أَيْ نَقْضُ عَهْدِهِ وَأَمَانِهِ. فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: أَيْ إِنَّ وَاحِدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِذَا أَمَّنَ كَافِرًا حَرُمَ عَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ دَمُهُ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُجِيرُ أَدْنَاهُمْ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا أَوِ امْرَأَةً أَوْ عَسِيفًا تَابِعًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، فَلَا يَخْفِرُ ذِمَّتَهُ. وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: «سَيُجِيرُ عَلَى أُمَّتِي أَدْنَاهُمْ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. (" وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ ") : فِي شَرْحِ السُّنَّةِ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ قَاصِيَ الدَّارِ عَنْ بِلَادِ الْكُفْرِ إِذَا عَقَدَ لِلْكَافِرِ عَقْدًا فِي الْأَمَانِ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ نَقْضُهُ، وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ دَارًا مِنَ الْمَعْقُودِ لَهُ، وَثَانِيهِمَا: إِذَا دَخَلَ الْعَسْكَرُ دَارَ الْحَرْبِ، فَوَجَّهَ الْإِمَامُ سَرِيَّةً مِنْهُمْ، فَمَا غَنِمَتْ مِنْ شَيْءٍ أَخَذَتْ مِنْهُ مَا سَمَّى لَهَا، وَيَرُدُّ عَلَى الْعَسْكَرِ الَّذِينَ خَلَّفَهُمْ، لِأَنَّهُمْ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا الْغَنِيمَةَ كَانُوا رِدْءًا لِلسَّرَايَا. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي، وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ لِمَا يَلْزَمُ مِنَ الثَّانِي التَّعْمِيَةُ وَالْإِلْغَازُ ; لِأَنَّ مَفْعُولَ يَرُدُّ غَيْرُ مَذْكُورٍ، وَلَيْسَ فِي الْكَّلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ، وَلَيْسَ بَيْنَ الْقَرِينَتَيْنِ تَكْرَارٌ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى يُجِيرُ بِعَهْدِهِمْ أَدْنَاهُمْ مَنْزِلَةً وَأَبْعَدَهُمْ مَنْزِلًا، وَيَنْصُرُ الْوَجْهَ الثَّانِي الْحَدِيثُ السَّادِسُ مِنَ الْفَصْلِ الثَّانِي فِي بَابِ الدِّيَاتِ وَسَيَجِيءُ بَيَانُهُ. (" وَهُمْ) : أَيِ الْمُسْلِمُونَ (يَدٌ ") : أَيْ كَأَنَّهُمْ يَدٌ وَاحِدَةٌ فِي التَّعَاوُنِ وَالتَّنَاصُرِ. (" عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ) : قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَيِ الْمُسْلِمُونَ لَا يَسَعُهُمُ التَّخَاذُلُ، بَلْ يُعَاوِنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى جَمِيعِ الْأَدْيَانِ وَالْمِلَلِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَقَدْ سَبَقَ تَحْقِيقُ هَذَا التَّرْكِيبِ وَبَيَانُ مَجَازِهِ (" أَلَا ") : بِالتَّخْفِيفِ لِلتَّنْبِيهِ (" «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» ") : أَيْ بِحَرْبِيٍّ بِدَلِيلِ عَطْفِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ، فَلَا يُنَافِيهِ مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّهُ يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ مُطْلَقًا (" وَلَا ذُو عَهْدٍ ") : أَيْ لَا يُقْتَلُ (" فِي عَهْدِهِ ") : أَيْ فِي زَمَانِهِ وَحَالِهِ. قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: أَيْ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ ابْتِدَاءً مَا دَامَ فِي الْعَهْدِ. قَالَ الْقَاضِي: أَيْ لَا يُقْتَلُ لِكُفْرِهِ مَا دَامَ مُعَاهِدًا غَيْرَ نَاقِضٍ. وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ: مَعْنَاهُ لَا يُقْتَلُ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ بِكَافِرٍ قِصَاصًا، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْكَافِرَ الَّذِي لَا يُقْتَلُ بِهِ الْمُعَاهِدُ هُوَ الْحَرْبِيُّ دُونَ الذِّمِّيِّ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْكَافِرِ الَّذِي لَا يُقْتَلُ بِهِ الْمُسْلِمُ هُوَ الْحَرْبِيُّ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015