محمولة على إضمارها، وأنّ حذفها من تصرّف الرواة. ثمّ رأيت البيهقي قال في شعب الإيمان: قوله إلَّا ردّ الله عليّ روحي، معناه والله أعلم إلا وقد ردّ الله عليّ روحي فأردّ عليه السلام. فحمدت الله عودًا على بدء.
ومن الأجوبة التي ذكرتها استنباطًا أيضًا، أنّ لفظ الردّ قد لا يدلّ على المفارقة بل كنّى به عن مطلق الصيرورة وحسنه هنا مراعاة المناسبة اللفظية بينه وبين قوله "حتى أرد عليه السّلام"، فجاء لفظ الردّ في صدر الحديث لمناسبة ذكره في آخر الحديث.
ومن الأجوبة التي ذكرتها استنباطًا أنّه ليس المراد بردّ الروح عودها بعد المفارقة (للبدن) (?)، وإنّما النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في البرزخ مشغول بأحوال الملكوت مستغرق في مشاهداته كما كان في الدّنيا في حالة الوحي، فعبّر عن إفاقته من تلك الحالة بردّ الرّوح. ونظير هذا قولهم في اللفظة التي وقعت في بعض أحاديث الإسراء وهي قوله: "فاستيقظت وأنا بالمسجد الحرام" ليس المراد الاستيقاظ من نوم فإنّ الإسراء لم يكن منامًا، وإنّما المراد الإفاقة ممّا خامره من عجائب الملكوت.
ولي أجوبة أخرى مذكورة في التأليف المشار إليه.
وقال الشيخ تاج الدّين الفاكهاني في الفجر المنير: فإن قلت قوله "إلا رد الله عليّ روحي" لا يلتئم مع كونه حيًّا على الدّوام، بل يلزم منه أن تتعدّد حياته ووفاته؟ فالجواب: أن يقال المراد بالرّوح هنا النطق مجازًا، فكأنّه قال إلا ردّ الله إليّ (?) نطقي، وهو حيّ على الدّوام ولكن لا يلزم من حياته نطقه فيدّر عليه النطق عند سلام كلّ مسلم، وعلاقة المجاز أنّ النّطق من لازمه وجود الروح كما أنّ الروح من لازمه وجود النطق بالفعل أو القوة، فعبّر عليه الصلاة والسلام بأحد المتلازمين عن الآخر. وممّا يحقق