بقوله: "من أهل بيتي" أي: من قريش كما هو المراد في الخلافة، اتّسع الأمر وسهل، فإنَّ دائرة نسب قريش أوسع من دائرة نسب بني هاشم والمطّلب، وحينئذٍ فلا يعدم واحد من المذكورين أن يكون قرشيًّا وإن كنَّا لا نعرف اتّصال نسبه إلى قريش، وقد عرف ذلك يقينًا في الإمام فخر الدّين الرازي، فإنّه بكريّ من ذريّة أبي بكر الصدِّيق رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وإن كان المراد ما هو أخصّ من ذلك احتاج إلى النَّظر فيه، والأظهر أنَّ المراد الأوّل، ويؤيّده أن عمر بن عبد العزيز قد عُدّ على رأس المائة الأولى بالإجماع، ومعلوم أنَّه ليس بهاشميّ ولا مطّلبي وإنّما هو أمويّ، وبنوا أميّة ليسوا من الآل على مذهب الشافعي رضي الله عنه وإنَّما هم من قريش الذي هو النّسب الأعمّ، وهم من ذرية عبد شمس، وعبد شمس هو أخو هاشم والمطّلب ونوفل، والأربعة أولاد عبد مناف، وقد سوّى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين أولاد هاشم والمطّلب حيث أعطاهم سهم ذوي القربى وحرّم عليهم الصدقة فعدّوا من الآل، ولم يجر أولاد عبد شمس ونوفل مجراهم، فلم يعدّوا من الآل، فعدّ عمر بن عبد العزيز هنا من أهل البيت باعتبار عموم القرابة القرشيّة لا خصوص الهاشميّة والمطّلبيّة.
ثمَّ إنَّ ما ذكره (ابن) (?) السبكي من التأويل ينبو عنه لفظ الحديث بلا شكّ، فإنَّ لفظه صريح في أن المبعوث (نفسه) (?) رجل من أهل البيت، فكيف يكتفى في ذلك بكونه من غيرهم وهو متمذهب بمذهب ممّن هو من أهل البيت؟ ، هذا بعيد جدًّا، والصَّادق المصدوق خبره لا يخلف، فلا بدّ من أحد أمور، إمَّا حمل الحديث على عموم قريش كما قدَّمناه، وإمَّا حمله على ما هو أعمّ من كونه أهل البيت بالنَّسب أو بالولاء، فقد صحَّ الحديث: "إنَّ مولى القوم من أنفسهم"، وقد ألحق موالي آله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بآله في تحريم الركاة عليهم، فلا يبعد أن يكون ذلك أيضًا هنا، وفي الحديث أنَّه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لموليين له حبشي وقبطي: "إنّما أنتما رجلان من محمَّد"، رواه الطبراني