بسند حسن، وفي الحديث: "سلمان منّا أهل البيت"، وفي حديث آخر أنّ ثوبان مولى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: يا رسول الله، أَمِن أهل البيت أنا؟ قال: "نعم". وإمَّا أن يقال: لا يشترط في ذلك كونه من جهة الأب بل يكفي كونه من جهة الأمّ، وذلك شائع عندهم كثيرًا وإن لم يثبت به النسب، ففرق بين النّسب والأهلية.
وهذا المحمل الأخير هو الصَّحيح بل الصَّواب، لأنَّ إمامنا وأصحابنا صرَّحوا بذلك في بابي الوقف والوصيّة، قال ابن الصبَّاغ في الشامل: فرع: قال (في) (?) البويطي: إذا قال وقفت هذا على أهل بيتي، فأهل بيته أقاربه من قبل الرّجال والنساء. وكذا (?) ذكر الدّارمي في الاستذكار، وابن كجّ في التجريد في الوصيّة، وفي شرح الكبير للرَّافعي والرَّوضة للنووي، فيما لو أوصى لأهل بيت الرّجل، فالأصحّ أنَّه يدخل فيهم القرابة من جهة الرّجال والنساء والزوجات أيضًا. وقال ابن الرّفعة في الكفاية: إذا وقف على أهل بيته صرف إلى قرابته من جهة الرجال والنساء، حكاه في الشامل عن البويطي، وفي الحاوي حكاية ثلاثة أوجه؟ أحدها: يصرف إلى من ناسبه إلى الجدّ، والثاني: لمن اجتمع معه في الرّحم، والثالث: إلى كلّ من اتَّصل إليه بنسب أو سبب، قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "سلمان منّا أهل البيت". انتهى.
فتلخّص من جميع ما تقدّم أنّ أهل البيت لا يختصّ بمن يثبت لهم نسب النبوّة ونحوها، بل يشمل أولاد البنات. إذا تقرّر ذلك فلا يبعد أن يكون المذكرون أمّ أحدهم، أو أمّ أبيه، أو أمّ أمّه، أو أمّ جدّه، أو أمّ جدّته، فما فوق من أهل البيت، إمّا علويّة، أو جعفريّة، أو عقيليّة، أو عبَّاسية، أو مطّلبيّة، أو نحو ذلك، فحيث ما كان في أصوله أمّ ولدته، أو ولدت أحدًا من أصوله وهي من أهل البيت، صدق عليه أنَّه من أهل البيت بلا شكّ، على ما هو صريح نصّ الشافعي والأصحاب، وبهذا يتّسع المجال جدًّا، فإن ذلك في أمّهات النَّاس كثير، وهو أحسن من التَّأويل الذي قاله