وقال أبو جعفر النحّاس في كتاب الناسخ والمنسوخ: قال سفيان بن عيينة: بلغني أنَّه يخرج في كلّ مائة سنة بعد موت النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجل من العلماء يقوّي به الله الدّين، وإنّ يحيى بن آدم عندي منهم. وقال أبو بكر البزّار: سمعت عبد الملك بن عبد الحميد الميموني يقول: كنت عند أحمد بن حنبل فجرى ذكر الشافعي، فرأيت أحمد يرفعه وقال: يروى عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّه قال: "إنَّ الله يبعث لهذه الأمّة على رأس كلّ مائة سنة من يقرّر لها دينها"، قال: فكان عمر بن عبد العزيز على رأس المائة الأولى، وأرجو أن يكون الشافعي على رأس المائة الأخرى. وأخرج البيهقي من طريق أبي سعيد الفريابي قال: قال أحمد بن حنبل: "إنّ الله يقيّض للناس في رأس كلّ مائة سنة من يعلّم الناس السنن، وينفي عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الكذب"، فنظرنا فإذا في رأس المائة عمر بن عبد العزيز، وفي رأس المائتين الشافعي.
وأخرج أبو إسماعيل الهروي من طريق حميد بن زنجويه قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: يروى في الحديث عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أنّ الله يمنّ على أهل دينه في رأس كلّ مائة سنة برجل من أهل بيتي، يبيِّن لهم أمر دينهم"، وإنِّي نظرت في مائة سنة فإذا هو رجل من آل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو عمر بن عبد العزيز، وفي رأس المائة الثانية فإذا هو محمد بن إدريس الشافعي.
قال القاضي تاج الدّين السبكي: ولأجل ما في هذه الرّواية من الزّيادة، لا أستطيع أن أتكلّم في المئين بعد الثانية، فإنَّه لم يذكر فيها أحد من أهل النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ولكن هنا دقيقة ننبّهك عليها فنقول: لما لم نجد بعد المائة الثانية من أهل البيت من هو بهذه المثابة، ووجدنا جميع من قيل إنَّه مبعوث في رأس كلّ مائة ممّن تذهب بمذهب الشافعي وانقاد لقوله، علمنا أنَّه الإمام المبعوث الذي استقرّ أمر الناس على قوله، وبعث بعده في رأس كلّ مائة من يقرّر مذهبه. انتهى.
قلت: وهذا تأويل بعيد، والتأويل الظاهر أن نقول (?): إن أراد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -