لما أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن القوم أو مَن الوفد؟ قالوا: ربيعة، قال: مرحباً بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولا ندامى)) .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

القوم ليتقدموهم إلى لقي العظماء والمصير إليهم في المهمات، وعبد القيس: أبوقبيلة عظيمة تنتهي إلى ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، وربيعة: قبيلة عظيمة في مقابلة مضر، وكان قبيلة عبد القيس ينْزلون البحرين وحوالي القطيف وما بين هجر إلى الديار المضرية، وقال صاحب التحرير: وفد عبد القيس كانوا أربعة عشر راكباً، كبيرهم الأشج العصري، وقيل: كانوا ثلاثة عشر راكباً، كما في المعرفة لابن مندة، وقيل: كانوا أربعين رجلاً، رواه الدولابي، وجمع بأن لهم وفادتين: إحداهما في سنة خمس أو قبلها أو سنة ست، وكان عدد الوفد فيها ثلاثة عشر راكباً، وكان فيهم الأشج العصري. وثانيتهما كانت في سنة الوفود، وكان عددهم حينئذٍ أربعين رجلاً، وكان فيهم الجارود العبدي، أو يقال بأن الأربعة عشر كانوا رؤوس الوفد وأشرافهم وكان الباقون أتباعاً، وقال العيني (ج1: 309) جملة الجمع تكون خمسة وأربعين نفساً، فعلمنا أن التنصيص على عدد معين لم يصح، ولهذا لم يخرجه البخاري ومسلم بالعدد المعين، ثم ذكر العيني نقلاً عن شرح مسلم للنووي سبب قدومهم، قال القاضي: كان وفودهم عام الفتح قبل خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة، قال الحافظ: "تبع القاضي فيه الواقدي وليس بجيد؛ لأن فرض الحج كان سنة ست على الأصح، ولكن القاضي يختار أن فرض الحج كان سنة تسع حتى لا يرد على مذهبه أنه على الفور". (لما أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم -) أي حضروه (مَن القوم أو مَن الوفد) شك من الراوي، والسؤال للاستئناس، أو ليعرفوا فينْزلوا منازهم (قالوا ربيعة) أي قال بعض الوفد: نحن ربيعة أو وفد ربيعة، على حذف مضاف، وفي نسخة بالنصب أي نسمى ربيعة، وفيه التعبير عن البعض بالكل؛ لأنهم بعض ربيعة، وهذا من بعض الرواة فإن عند البخاري في الصلاة: فقالوا: إنا هذا الحي من ربيعة (قال: مرحباً بالقوم أو بالوفد) أي أصاب الوفد رحباً – بضم الراء – أي سعة، والرحب – بالفتح -: الشيء الواسع أو أتى القوم موضعاً واسعاً، فالباء زائدة في الفاعل، ومرحباً مفعول به لمقدر، أو أتى الله بالقوم مرحباً، فالباء للتعدية ومرحباً مفعول مطلق، وقيل: هو من المفاعيل المنصوبة بعامل مضمر لازم إضماره لكثرة دورانه على ألسنة العرب، ويقال: هذا لتأنيس الوافد وإزالة الاستحياء عن نفس من أتى من باغي خير وقاصد حاجة (غير خزايا) بفتح الخاء جمع خزيان من الخزي وهو الذل والإهانة، أي غير أذلاء مهانين، ونصب غير على الحال من الوفد، والعامل فيه الفعل المقدر في مرحباً، وفي رواية للبخاري مرحباً بالوفد الذين جاءوا غير خزايا، قال القاري: وجوز جره على أنه بدل من القوم، وقال العيني: ويروى غير بكسر الراء على أنه صفة للقوم، فإن قلت: إنه نكرة كيف وقعت صفة للمعرفة؟ قلت: للمعرف بلام الجنس قرب المسافة بينه وبين النكرة فحكمه حكم النكرة إذ لا توقيت فيه ولا تعيين – انتهى. (ولا ندامى) جمع نادم على غير قياس، إذ قياسه نادمين، لكنه اتبع خزايا تحسيناً للكلام، كما قالوا العشايا والغدايا، والقياس الغدوات جمع غداة لكنه اتبع لما يقارنه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015