قال: فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أفلح الرجل إن صدق)) ، متفق عليه.

17- (16) وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: إن وفد عبد القيس

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه) أي لا أزيد على شرائع الإسلام ولا أنقص منها شيئاً، والدليل عليه ما في رواية البخاري (ج1: ص254) في الصيام لا أتطوع شيئاً ولا أنقص مما فرض الله علي شيئاً، قيل: كيف أقرّه على حلفه وقد ورد النكير على من حلف أن لا يفعل خيراً؟ وأجيب بأن ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، وهذا جارٍ على الأصول بأن لا إثم على غير تارك الفرائض، فهو مفلح وإن كان غيره أكثر فلاحاً منه، وقال الباجي: يحتمل أنه سومح في ذلك لأنه في أول الإسلام (أفلح الرجل إن صدق) قال ابن بطال: دل هذا على أنه إن لم يصدق في التزامها أنه ليس بمفلح، وهذا خلاف قول المرجئة، وليس فيه تسويغ لترك السنن لما قال القرطبي: لم يسوغ له تركها دائماً ولكن لقرب عهده بالإسلام اكتفى منه بالواجبات، وأخره حتى يأنس وينشرح صدره ويحرص على الخير، فيسهل عليه المندوبات – انتهى، وفي الحديث رد على المرجئة إذ شرط في فلاحه أن لا ينقص من الأعمال والفرائض المذكورة، وهو يقولون: التصديق وحده كافٍ للنجاة، لا حاجة إلى العمل، ولا يضر المعصية مع التصديق (متفق عليه) وأخرجه أيضاًَ أبوداود والنسائي.

17- قوله: (وعن ابن عباس) هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، أبوالعباس المكي ثم المدني ثم الطائفي، ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه، وأمه أم الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث أخت ميمونة أم المؤمنين، ولد بالشعب قبل الهجرة بثلاث سنين، وتوفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وقال أحمد: خمس عشرة سنة، والأول أثبت، كان يقال له: الحبر والبحر لكثرة علمه، وترجمان القرآن. دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحكمة والفقه والعلم وتأويل الكتاب، ورأى جبرائيل – عليه السلام – مرتين، قال مسروق: كنت إذا رأيت ابن عباس قلت: أجمل الناس، وإذا نطق قلت: أفصح الناس، وإذا حدث قلت: أعلم الناس، وكان عمر يدنيه ويقربه ويشاوره مع أجلة الصحابة، ومناقبه كثيرة وفضائله مشهورة، بسط ترجمته الحافظ في الإصابة، وابن عبد البر في الاستيعاب. روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ألفاً وستمائة وستين حديثاً، اتفقا على خمسة وسبعين، وانفرد البخاري بثمانية وعشرين، ومسلم بتسعة وأربعين، روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين، مات بالطائف سنة 68، وهو ابن 71 سنة على الصحيح، في أيام ابن الزبير، وصلى عليه محمد بن الحنفية، وقد كف بصره في آخر عمره، وقال الخزرجي: ابن عباس سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - خمسة وعشرين حديثاً، وباقي حديثه من الصحابة، واتفقوا على قبول مرسل الصحابي – انتهى. (إن وفد عبد القيس) الوفد جمع وافد، وهو الذي أتى إلى الأمير برسالة من قوم، وقيل: الوفد الجماعة المختارة من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015