...........................................................................

ـــــــــــــــــــــــــــــ

بالامتشاط. وكان الشافعي يتأوله على أنه أمرها أن تدع العمل للعمرة وتدخل عليها الحج فتصير قارنة، قال: وهذا لا يشاكل القصة. وقيل: إن مذهبها أن المعتمر إذا دخل مكة استباح ما يستبيحه الحاج إذا رمى الجمرة. قال: وهذا لا يعلم وجهه. وقيل: كانت مضطرة إلى ذلك. قال: ويحتمل أن يكون نقض رأسها كان لأجل الغسل لنهل بالحج لا سيما أن كانت ملبدة فتحتاج إلى نقض الضفر، وأما الامشاط فلعل المراد به تسريحها شعرها بأصابعها برفق حتى لا يسقط منه شيء ثم تضفره كما كان ذكره الحافظ. وقال ابن القيم بعد ذكر مسلك الجمهور وتقويته: أما قوله ((وانقضي رأسك وامشطي)) . فهذا مما أعضل على الناس ولهم فيها أربعة مسالك، أحدها: أنه دليل على رفض العمرة كما قالت الحنفية. المسلك الثاني: أنه دليل على أنه يجوز للمحرم أن يمشط رأسه، ولا دليل من كتاب ولا سنة ولا إجماع على منعه من ذلك ولا تحريمه، وهذا قول ابن حزم وغيره. المسلك الثالث: تعليل هذه اللفظة وردها بأن عروة انفرد بها وخالف بها سائر الرواة، وقد روى حديثها طاوس والقاسم والأسود وغيرهم فلم يذكر أحد منهم هذه اللفظة. المسلك الرابع: أن قوله ((دعي العمرة)) . أي دعيها بحالها لا تخرجي منها، وليس المراد تركها. قالوا: ويدل عليه وجهان، أحدهما: قوله ((يسعك طوافك لحجك وعمرتك)) الثاني: قوله: ((كوني في عمرتك)) . قالوا: وهذا أولى من حمله على رفضها لسلامته من التناقض- انتهى. وقال الزرقاني: وأجاب جماعة منهم الشافعي باحتمال أن معنى ((دعي عمرتك)) اتركي التحلل منها وأدخلي عليها الحج فتصير قارنة، ويؤيده قوله في رواية مسلم ((وأمسكي عن العمرة)) أي عن أعمالها، وإنما قالت: ((وأرجع بحجة)) . لاعتقادها أن إفراد العمرة بالعمل أفضل كما وقع لغيرها من أمهات المؤمنين. قال الحافظ: واستبعد هذا التأويل لقولها في رواية عطاء عنها ((وأرجع أنا بحجة ليس معها عمرة)) أخرجه أحمد. وهذا يقوي قول الكوفيين أن عائشة تركت العمرة وحجت مفردة، لكن في رواية عطاء عنها ضعف. وأجاب الحنفية عن ذلك بأن ضعف رواية عطاء منجبر برواية البخاري: ((يصدرون بنسكين وأصدر بنسك)) وفي رواية ((قالت: يا رسول الله اعتمرتم ولم اعتمر)) . قال الحافظ: والرافع للإشكال في ذلك ما رواه مسلم من حديث جابر: ((أن عائشة أهلت بعمرة حتى إذا كانت بسرف حاضت فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: أهلي بالحج حتى إذا طهرت طافت بالكعبة وسعت فقال: قد حللت من حجك وعمرتك)) . ولمسلم من طريق طاوس عنها ((فقال - صلى الله عليه وسلم -: طوافك يسعك لحجك وعمرتك)) . فهذا صريح في أنها كانت قارنة. قال الزرقاني: وتعقب بأن قوله ((انقضى رأسك وامتشطي)) ظاهر في إبطال العمرة، لأن المحرم لا يفعل مثل ذلك لتأديته إلى نتف الشعر، وأجيب بجوازهما للمحرم حيث لا يؤدي إلى نتف الشعر مع الكراهة بغير عذر أو كان ذلك لأذى برأسها فأباح لها ذلك كما أباح لكعب بن عجرة الحلاق لأذى برأسه، أو نقض رأسها لأجل الغسل لتهل بالحج ولا سيما إن كانت تلبدت فتحتاج إلى نقض الضفر، ولعل المراد بالامتشاط تسريح شعرها بأصابعها برفق حتى لا يسقط منه شيء ثم تضفره كما كان، أو أعادت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015