ففعلت، حتى قضيت حجي بعث معي

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الشكوى بعد رمي جمرة العقبة فأباح لها الامتشاط حينئذٍ. قال المازري: هو تعسف بعيد من لفظ الحديث، أو كان مذهبها أن المعتمر إذا دخل مكة استباح ما يستبيحه الحاج إذا رمى الجمرة. قال الخطابي: وهذا لا يعلم وجهه – انتهى. وقال ابن دقيق العيد قي شرح العمدة: لما حمل أصحاب الشافعي ومالك أمره عليه السلام بترك العمرة على ترك المضي في أعمالها لا على رفضها بالخروج منها وأنها أهلت بالحج مع بقاء العمرة وكانت قارنة اقتضى ذلك أن يكون قد حصل لها عمرة، وأشكل حينئذٍ قولها ((ينطلقون بحج وعمرة، وأنطلق بحج)) إذ هي أيضًا قد حصل لها حج وعمرة لما تقرر من كونها صارت قارنة فاحتاجوا إلى تأويل هذا اللفظ فأولوا قولها ((ينطلقون بحج وعمرة، وأنطلق بحج)) على أن المراد ينطلقون بحج مفرد عن عمرة وعمرة مفردة عن حج وأنطلق بحج غير مفرد عن عمرة، فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعمرة ليحصل لها قصدها في عمرة مفردة عن حج، هذا حاصل ما قيل في هذا مع أن الظاهر خلافه بالنسبة إلى هذا الحديث، لكن الجمع بين الروايات ألجأهم إلى مثل هذا - انتهى. وإنما أعمرها من التنعيم تطييبًا لقلبها لكونها لم تطف بالبيت لما دخلت معتمرة وقد وقع في رواية لمسلم من حديث جابر وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلاً سهلاً إذا هويت الشيء تابعها عليه، وأما ما قاله - صلى الله عليه وسلم - لها بعد ما اعتمرت من التنعيم فقال: هذه مكان عمرتك، فمعناه العمرة المنفردة التي حصل لغيرها التحلل منها بمكة ثم أنشأوا الحج منفردًا - فعلى هذا فقد حصل لعائشة عمرتان. قال النووي: قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((يسعك طوافك لحجك وعمرتك)) . تصريح بأن عمرتها باقية صحيحة مجزية وأنها لم تلغها ولم تخرج منها، فيتعين تأويل ((ارفضي عمرتك)) . و ((دعي عمرتك)) على ما ذكرناه من رفض العمل فيها وإتمام أفعالها والله أعلم. وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - في الرواية الأخرى لما مضت مع أخيها عبد الرحمن ليعمرها من التنعيم ((هذه مكان عمرتك)) فمعناه أنها أرادت أن يكون لها عمرة منفردة عن الحج كما حصل لسائر أمهات المؤمنين وغيرهن من الصحابة الذين فسخوا الحج إلى العمرة وأتموا العمرة وتحللوا منها قبل يوم التروية، ثم أحرموا بالحج من مكة يوم التروية، فحصل لهم عمرة منفردة وحجة منفردة، وأما عائشة فإنما حصل لها عمرة مندرجة في حجة بالقران، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النفر: ((يسعك طوافك لحجك وعمرتك)) أي وقد تمَّا وحُسِبا لك جميعًا فأبت وأرادت عمرة منفردة كما حصل لباقي الناس، فلما اعتمرت عمرة منفردة قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: هذه مكان عمرتك، أي التي كنت تريدين حصولها منفردة غير مندرجة فمنعك الحيض من ذلك، وهكذا يقال في قولها: ((يرجع الناس بحج وعمرة وأرجع بحج)) أي يرجعون بحج منفرد وعمرة منفردة وأرجع أنا وليس لي عمرة منفردة، وإنما حرصت على ذلك لتكثير أفعالها - انتهى. (فَفَعلْتُ) بسكون اللام على صيغة المتكلم، أي ما أمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - من النقض والامتشاط وترك العمرة والإهلال بالحج (حتى قضيت حجي) أي أديته وأتممته فالقضاء بمعنى الأداء (بعث معي) قيل جملة استئنافية ذكره الطيبي. وفي مسلم ((قالت: ففعلت ذلك حتى إذا قضيت حجي بعث)) إلخ. وكان إرسالها مع أخيها عبد الرحمن ليلة البطحاء أو الحصبة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015