..............................................................................

ـــــــــــــــــــــــــــــ

بذلك على أن المرأة إذا أهلت بالعمرة متمتعة فحاضت قبل أن تطوف واستمر حيضها حتى جاء يوم عرفة تركت العمرة وأهلت بالحج مفردة، فإذا فرغت من الحج أحرمت بالعمرة قضاء ويلزمها دم لرفض العمرة. وقال الجمهور في معنى الحديث: أي أمرني أن أترك العمل للعمرة من الطواف والسعي وتقصير شعر الرأس وأرفض إتمام أفعالها، وأمرني أن أدخل الحج على العمرة فأكون قارنة، فليس المراد هنا بترك العمرة إسقاطها جملة أي إبطالها، وإنما المراد ترك أفعالها وإرداف الحج عليها حتى تصير قارنة وتتدرج أفعالها في أفعال الحج. قال ابن قدامة: المتمتعة إذا حاضت قبل الطواف للعمرة لم يكن لها أن تطوف بالبيت لأنها ممنوعة من دخول المسجد ولا يمكنها أن تحل من عمرتها ما لم تطف بالبيت، فإن خشيت فوات الحج أحرمت بالحج مع عمرتها وتصير قارنة، وهذا قول مالك والأوزاعي والشافعي وكثير من أهل العلم. وقال أبو حنفية: ترفض العمرة وتهلل بالحج. قال أحمد: ما قال هذا أحد غير أبي حنفية، وأحتج بما روى عروة عن عائشة قالت: أهللنا بعمرة – الحديث. وفيه ((فقال: انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة، قالت: ففعلت، فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عبد الرحمن بن أبي بكر التنعيم فاعتمرت معه، فقال: هذه عمرة مكان عمرتك)) متفق عليه. وهذا يدل على أنها رفضت عمرتها وأحرمت بحج من وجوه ثلاثة، أحدها: قوله ((دعي عمرتك)) والثاني: قوله ((وامتشطي)) والثالث قوله ((هذه عمرة مكان عمرتك)) ولنا ما روى جابر قال: أقبلت عائشة بعمرة حتى إذا كانت بسرف عركت – الحديث. وفيه قال: ((فاغتسلي ثم أهلي بالحج)) . ففعلت ووقفت المواقف كلها ثم قال: ((قد حللت من حجك وعمرتك)) . وروى طاوس عن عائشة أنها قالت: أهللت بعمرة فقدمت ولم أطف حتى حضت، ونسكت المناسك كلها وقد أهللت بالحج، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النفر: يسعك طوافك لحجك وعمرتك. رواهما مسلم. وهما يدلان على ما يدلان على ما ذكرنا جميعه، ولأن إدخال الحج على العمرة جائز بالإجماع من غير خشية الفوات فمع خشية الفوات أولى. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن لمن أهل بعمرة أن يدخل عليها الحج ما لم يفتتح الطواف بالبيت، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من كان معه هدي في حجة الوداع أن يهل بالحج مع العمرة ومع إمكان الحج مع بقاء العمرة لا يجوز رفضها لقول الله تعالى: {وأتموا الحج والعمرة لله} (2: 196) ولأنها متمكنة من إتمام عمرتها بلا ضرر فلم يجز رفضها كغير الحائض. ثم أجاب ابن قدامة عن رواية عروة بأن قوله ((انقضي رأسك وامتشطي ودعي العمرة)) قد انفرد به عروة وخالف به سائر من روى عن عائشة حين حاضت، وقد روى طاوس والقاسم والأسود وعمرة عن عائشة ولم يذكروا ذلك. وحديث جابر وطاوس مخالفان لهذه الزيادة ولا يخفى ما في هذا الجواب من التعسف. ثم قال ابن قدامة: ويحتمل أن قوله ((دعي العمرة)) أي دعيها بحالها وأهلي بالحج معها، أو دعي أفعال العمرة فإنها تدخل في أفعال الحج – انتهى. وقال الخطابي: استشكل بعض أهل العلم أمره لها بنقض رأسها ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015