ولم أهلل إلا بعمرة، فأمرني النبي - صلى الله عليه وسلم -: أن أنقض رأسي وأمتشط، وأهل بالحج، وأترك العمرة.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

مسلم عن مجاهد عنها أنها تطهرت بعرفة، وعن القاسم عنها ((وطهرت صبيحة ليلة عرفة حين قدمنا منى)) وله عنه أيضًا ((فخرجت في حجتي حتى نزلنا منى فتطهرت، ثم طفنا بالبيت)) فاتفقت الروايات كلها على أنها طافت طواف الإفاضة يوم النحر، وجمع بين رواية مجاهد والقاسم بأنه انقطع الدم عنها بعرفة وما رأت الطهر إلا بعد أن نزلت منى. وقول ابن حزم: ((حاضت يوم السبت لثلاث خلون من ذي الحجة وطهرت يوم السبت عاشره)) إنما أخذه من روايات مسلم المذكورة – انتهى. وقال ابن القيم في الهدي: أما موضع حيضها فهو بسرف بلا ريب وموضع طهرها قد اختلف فيه فقيل بعرفة هكذا روى مجاهد عنها وروى عروة عنها أنها أظلها يوم عرفة وهي حائض، ولا تنافي بينهما، والحديثان صحيحان، وقد حملهما ابن حزم على معنيين فطهر عرفة هو الاغتسال للوقوف عنده. قال: لأنها قالت: تطهرت بعرفة. والتطهر غير الطهر. قال: وقد ذكر القاسم يوم طهرها أنه يوم النحر، وحديثه في صحيح مسلم. قال: وقد اتفق القاسم وعروة على أنها كانت يوم عرفة حائضًا وهما أقرب الناس منها. وقد روى أبو داود حدثنا محمد بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عنها خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موافين هلال ذي الحجة، فذكرت الحديث وفيه ((فلما كانت ليلة البطحاء طهرت عائشة)) . وهذا إسناد صحيح لكن قال ابن حزم: إنه حديث منكر مخالف لما روى هؤلاء كلهم عنها وهو قوله ((إنها طهرت ليلة البطحاء)) وليلة البطحاء كانت بعد يوم النحر بأربع ليال، وهذا محال إلا أننا لما تدبرنا وجدنا هذا اللفظة ليست من كلام عائشة فسقط التعلق بها لأنها هي مما دون عائشة وهي أعلم بنفسها. قال: وقد روى حديث حماد بن سلمة هذا وهيب بن خالد وحماد بن زيد فلم يذكرا هذا اللفظة. قلت: يتعين تقديم حديث حماد بن زيد ومن معه على حديث حماد بن سلمة لوجوه، أحدها: أنه أحفظ وأثبت من حماد بن سلمة، الثاني: أن حدثيهم فيه إخبارها عن نفسها، وحديثه فيه الإخبار عنها. الثالث: أن الزهري روى عن عروة عنها الحديث، وفيه ((فلم أزل حائضاً حتى كان يوم عرفة)) وهذه الغاية هي التي بينها مجاهد والقاسم عنها لكن قال عنها ((فتطهرت بعرفة)) والقاسم قال ((يوم النحر)) انتهى كلام ابن القيم. (ولم أهلل) أي لم أحرم أولاً (إلا بعمرة) هذا نص في أن عائشة لم تحرم إلا بعمرة وأنها كانت معتمرة ابتداء (فأمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أنقض) بضم القاف (رأسي) أي أحل ضفر شعره (وأمتشط) أي أسرحه بالمشط وقيل أو بالأصابع (وأهل بالحج) أي أمرني أن أحرم بالحج (وأترك العمرة) وفي رواية ((فقال انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة)) وفي رواية ((أمسكي عن عمرتك)) وفي أخرى: ((ارفضي عمرتك)) . قال الحنفية: معنى الحديث: أمرني أن أخرج من إحرام العمرة وأتركها باستباحة المحظورات من التمشيط وغيره لعدم القدرة على الإتيان بأفعالها بسبب الحيض. واستدلوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015