فلم أزل حائضًا حتى كان يوم عرفة،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال ابن قدامة في المغني (ج2: ص394) : أكثر أهل العلم يرون أن لا تشترط الطهارة للسعي بين الصفا والمروة. وممن قال ذلك عطاء ومالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي. وكان الحسن يقول: إن ذكر قبل أن يحل فليعد الطواف، وإن ذكر بعد ما حل فلا شيء عليه. ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة حين حاضت: اقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت. ولأن ذلك عبادة لا تتعلق بالبيت فأشبهت الوقوف. قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: إذا طافت المرأة بالبيت ثم حاضت سعت بين الصفا والمروة ثم نفرت. ورُوِيَ عن عائشة وأم سلمة أنهما قالتا: إذا طافت المرأة بالبيت وصلت ركعتين ثم حاضت فلتطف بالصفا والمروة. رواه الأثرم. والمستحب مع ذلك لمن قدر على الطهارة أن لا يسعى إلا متطهرًا، وكذلك يستحب أن يكون طاهرًا في جميع مناسكه. ولا يشترط أيضًا الطهارة من النجاسة والستارة للسعي، لأنه إذا لم تشترط الطهارة من الحدث وهي آكد فغيره أولى. وقد ذكر بعض أصحابنا رواية عن أحمد: أن الطهارة في السعي كالطهارة في الطواف، ولا يعول عليه - انتهى. قال الباجي: إن السعي إنما يكون بأثر الطواف بالبيت، فإذا لم يمكن الحائض الطواف بالبيت لم يمكنها السعي بين الصفا والمروة، وإن لم تكن من شرطه الطهارة، لأنه عبادة لا تعلق لها بالبيت ولو طرأ على المرأة الحيض بعد كمال الطواف يصح سعيها - انتهى. وقال ابن قدامة: السعي تبع للطواف لا يصح إلا أن يتقدمه طواف، فإن سعى قبله لم يصح. وبذلك قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي. وقال عطاء: يجزئه، وعن أحمد يجزئه إن كان ناسيًا، وإن عمدًا لم يجزئه سعيه لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن التقديم والتأخير في حال الجهل والنسيان قال: لا حرج. ووجه الأول أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما سعى بعد طوافه وقد قال: " لتأخذوا عنى مناسككم ". فعلى هذا إن سعى بعد طوافه ثم علم أنه طاف بغير طهارة لم يعتد بسعيه ذلك – انتهى. وقال الحافظ: حكى ابن المنذر عن عطاء قولين فيمن بدأ بالسعي قبل الطواف بالبيت، وبالإجزاء قال بعض أهل الحديث، واحتج بحديث أسامة بن شريك (الآتي في الباب الذي بعد باب الحلق) أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: سعيت قبل أن أطوف؟ قال: طف ولا حرج. وقال الجمهور: لا يجزئه، وأولوا حديث أسامة على من سعى بعد طواف القدوم وقبل طواف الإفاضة انتهى. وقال ابن القيم: قوله ((سعيت قبل أن أطواف)) في هذا الحديث ليس بمحفوظ، والمحفوظ تقديم الرمي والنحر والحلق بعضها على بعض. وفي التمهيد: اختلف العلماء فيمن قدم السعي على الطواف فقال عطاء بن أبي رباح يجزيه ولا يعيد السعي ولا شيء عليه، وكذلك قال الأوزاعي وطائفة من أهل الحديث. واختلف في ذلك عن النووي فرُوي عنه مثل قول الأوزاعي وعطاء ورُوي عنه أنه يعيد السعي. وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم: لا يجزيه وعليه أن يعيد إلا أن مالكاً قال: يعيد الطواف والسعي جميعًا. وقال الشافعي: يعيد السعي وحده ليكون بعد الطواف ولا شيء عليه – انتهى مختصرًا. (فلم أزل حائضاً حتى كان يوم عرفة) اختلف في موضع طهرها بعد الاتفاق على أنها حاضت بسرف. قال الزرقاني: وفي