رواه مسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الاستدلال بذلك على استحباب شرب ماء زمزم قائماً نظر، لأنه يجوز أن يكون الأمر فيه على ما حلف عليه عكرمة، وهو أنه شرب وهو على الراحلة، ويطلق عليه ((قائم)) ويكون ذلك مراد ابن عباس من قوله ((قائماً)) فلا يكون بينه وبين النهى عن الشرب قائماً تضاد، ويجوز أن يحمل على ظاهره ويكون دليلاً على إباحة الشرب قائماً يعنى أنه عليه الصلاة والسلام شربه قائمًا لبيان الجواز. وقيل أو لعذر به في ذلك المقام من الطين أو الازدحام والله أعلم. فوائد: الأولى: أخرج أحمد وابن ماجة من حديث جابر مرفوعًا: " ماء زمزم لما شرب له ". وأخرجه الدارقطني وزاد: " إن شربته تستشفي به شفاك الله، وإن شربته ليشبعك أشبعك الله، وإن شربته لقطع ظمئك قطعه الله، وهي هزمة جبريل وسقيا الله إسماعيل ". وروى أبو داود الطيالسي من حديث أبي ذر مرفوعاً: " إنها مباركة، إنها طعام طعم وشفاء سقم ". وقد شربه جماعة من العلماء لمآرب فوجدوها ونالوها. الثانية: رُوي عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تحمل من ماء زمزم وتخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يحمله، وأخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، والبيهقي والحاكم وصححه، قال الشوكاني: فيه دليل على استجاب حمل ماء زمزم إلى المواطن الخارجة عن مكة. وأخرج الأزرقي عن ابن أبي حسين قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سهيل بن عمرو يستهديه من ماء زمزم فبعث إليه براويتين وجعل عليهما كرًا غوطيًا، قيل الكرجنس من الثياب الغلاظ، وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استهدى سهيل بن عمرو من ماء زمزم. ذكره الهيثمي وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وفيه عبد الله بن المؤمل المخزومي وثقه ابن سعد وابن حبان وقال: يخطئ، وضعفه جماعة. الثالثة: عن ابن عباس أنه قال: إذا شربت من ماء زمزم فاستقبل القبلة، واذكر اسم الله تعالى، وتنفس وتضلع منها، فإذا فرغت فاحمد الله، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن بيننا وبين الناس أي المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم ". وعن عكرمة قال: كان ابن عباس إذا شرب من زمزم قال: اللهم إني أسالك علمًا نافعًا ورزقًا واسعًا وشفاءً من كل داء. أخرجهما الدارقطني وابن ماجة. والتضلع الامتلاء حتى تمتد أضلاعه. وفي هذين الأثرين بيان آداب شرب ماء زمزم (رواه مسلم) أي بطوله، وأخرجه أيضًا أبو نعيم في المستخرج على صحيح مسلم وأبو داود والدارمي وابن ماجة وابن الجارود في المنتقى (رقم 465: 469) والبيهقي (ج 5: ص 7 - 9) كلهم من طريق جعفر بن محمد الصادق عن أبيه محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبي جعفر الباقر، قال: دخلنا على جابر بن عبد الله فسأل عن القوم حتى انتهى إليَّ فقلت: أنا محمد بن علي بن حسين فأهوي بيده إلى رأسي فنزع زري الأعلى ثم زري الأسفل ثم وضع كفه بين ثديي وأنا يومئذ غلام شاب، فقال مرحبًا بك يا ابن أخي، سل عم شئت فسألته وهو أعمى وحضر وقت الصلاة فقام في نساجة متلحفًا بها، كلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها، ورداؤه إلى جنبه على المشجب، فصلى بنا فقلت: أخبرني عن حجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال بيده فعقد تسعاً، فقال: إن