2580 – (2) وعن عائشة، قالت: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع، فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج، فلما قدمنا مكة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من أهل بعمرة ولم يهد فليحلل، ومن أحرم بعمرة وأهدى فليهل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما ".

ـــــــــــــــــــــــــــــ

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكث تسع سنين لم يحج، الحديث. وأخرج القسم الأكبر منه أبو داود الطيالسي في مسنده (رقم 1668) ، وأحمد (ج 3: ص320 - 321) وعبد بن حميد وابن أبي شيبة والبزار. وروى قطعًا متفرقة منه مسلم وأبو داود والنسائي والترمذي والدارمي وابن ماجة، ومالك في موطئه، ومن طريقه محمد في موطئه، والشافعي والطحاوي في شرح المعاني وفي مشكل الآثار، والطبراني في الصغير، والدارقطني في سننه، والحاكم في المستدرك، والبيهقي، وأحمد في مسنده، وابن سعد في الطبقات، وأبو نعيم في الحلية.

2580- قوله (وعن عائشة قالت: خرجنا) أي معاشر الصحابة (مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع) وفي مسلم ((مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع)) والذي في المشكاة موافق لما ذكره الجزري في جامع الأصول (فمنا من أهل بعمرة) أي مفردة، والمعني: أحرم بها أو لبى بها مقرونة بالنية (ومنا من أهل بحج) أي مفرد أو مقرون بعمرة (فلما قدمنا) أي كلنا (مكة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وفي صحيح مسلم ((حتى قدمنا مكة فقال رسول - صلى الله عليه وسلم -)) وكان قدومهم مكة صبيحة الأحد رابع ذي الحجة (من أهل بعمرة ولم يهد) من الإهداء أي لم يكن معه هدي (فليَحلِل) بفتح الياء وكسر اللام، أي فليخرج من الإحرام بحلق أو تقصير (ومن أحرم بعمرة وأهدى) أي كان معه هدي (فليهل بالحج مع العمرة) التي أحرم بها، والمعنى لا يحل من عمرته بل يدخل الحج في العمرة ليكون قارنًا ففيه جواز إدخال الحج على العمرة (ثم لا يحل حتى يحل منهما) يعني لا يخرج من الإحرام ولا يحل له شيء من المحظورات حتى يتم العمرة والحج جميعًا. قال الولي العراقي في شرح رواية عروة عن عائشة عند مسلم ((فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من كان معه هدي فليهل بالحج مع عمرته، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا)) . قال المالكية والشافعية: هذه الرواية دالة على أن السبب في بقاء من ساق الهدي على إحرامه حتى يحل من الحج كونه أدخل الحج على العمرة، وأنه ليس السبب في ذلك مجرد سوق الهدي فما يقوله أبو حنيفة وأحمد ومن وافقهما إن المعتمر المتمتع إذا كان معه هدي لا يتحلل من عمرته حتى ينحر هديه يوم النحر وهم تمسكوا بقوله في رواية عقيل عن الزهري في الصحيحين ((فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من أحرم بعمرة ولم يهد فليحلل، ومن أحرم بعمرة وأهدى فلا يحل حتى ينحر هديه " ... الحديث. وهي ظاهرة في الدلالة لمذهبهم، لكن تأولها أصحابنا على أن معناها: ومن أحرم بعمرة وأهدى فليهل بالحج ولا يحل حتى ينحر هديه. واستدلوا على صحة هذا التأويل برواية عروة عن عائشة المتقدمة، وقالوا: هذا التأويل متعين، لأن القضية واحدة والراوي واحد فيتعين الجمع بين الروايتين – انتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015