على زمزم، فقال: " انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم ". فناولوه دلوا فشرب منه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
عليهم وهم ينزعون الماء من بئر زمزم ويسقون الناس (على زمزم) قال النووي: معنى قوله ((يسقون على زمزم)) أي يغرفون بالدلاء ويصبونه في الحياض ونحوها ويسبلونه للناس، وأما ((زمزم)) فهي البئر المشهورة في المسجد الحرام بينها وبين الكعبة ثمان وثلاثون ذراعاً، قيل سميت زمزم لكثرة مائها، يقال ماء زمزوم وزمزم وزمازم إذا كان كثيراً. وقيل لضم هاجر رضي الله عنها لمائها حين انفجرت وزمها إياه، وقيل: لزمزمة جبريل عليه السلام وكلامه عند فجره إياها. وقيل إنها غير مشتقة ولها أسماء أخر ذكرتها في تهذيب اللغات مع نفائس أخرى تتعلق بها، منها أن علياً رضي الله عنه قال: خير بئر في الأرض زمزم، وشر بئر في الأرض برهوت. قلت: أخرج الطبراني في الكبير من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خير ماء على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام الطعم وشفاء السقم، وشر ماء على وجه الأرض ماء بوادي برهوت بقية حضر موت كرجل الجراد من الهوام تصبح تتدفق وتمسي لا بلال فيها. قال الهيثمي بعد عزوه للطبراني: ورجاله ثقات، وصححه ابن حبان. وبَرهُوت – بفتح الباء الموحدة والراء المهملة وضم الهاء وآخره تاء مثناة - بئر عتيقة بحضر موت لا يستطاع النزول إلى قعرها، ويقال: ((بُرْهوت)) بضم الباء وسكون الراء (انزعوا) بكسر الزاي من النزع وهو الاستقاء. قال النووي: معناه استقوا بالدلاء وانزعوها بالرشاء (بني عبد المطلب) يعني العباس ومتعلقيه بحذف حرف النداء. وفي حديث ابن عباس عند الشيخين ((أتى زمزم وهم يسقون عليها فقال: اعملوا فإنكم على عمل صالح)) (فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم) قال النووي: معناه لولا خوفي أن يعتقد الناس ذلك من مناسك الحج ويزدحمون عليه بحيث يغلبونكم ويدفعونكم عن الاستقاء لاستقيت معكم لكثرة فضيلة هذا الاستقاء – انتهى. وقيل: قال ذلك شفقة على أمته من الحرج والمشقة، والأول أظهر، وفيه بقاء هذه التكرمة لبني العباس كبقاء الحجابة لبني شيبة (فناولوه) أي أعطوه (فشرب منه) أي من الدلو أو من الماء. وفيه دليل على استجاب الشرب للناسك من ماء زمزم والإكثار منه. وذكر الواقدي أنه لما شرب صب على رأسه، وذكر أبو ذر في منسكه عن عليّ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أفاض دعا بسجل من زمزم فتوضأ. وأخرجه أحمد أيضًا، وقال: فدعا بسجل من ماء زمزم فشرب منه وتوضأ. وأخرجه أيضًا من حديث ابن عباس وفي رواية عنده أنهم لما نزعوا الدلو غسل منه وجهه وتمضمض فيه ثم أعادوه فيها، وكذلك أخرجه سعيد بن منصور. قيل: ويستحب أن يشرب قائمًا، واستدل لذلك بما روى البخاري من طريق عاصم عن الشعبي أن ابن عباس حدثهم قال: سقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من زمزم فشرب وهو قائم. قال عاصم: فحلف عكرمة ما كان يومئذ إلا على بعير. وفي