فأتى على بني عبد المطلب يسقون

ـــــــــــــــــــــــــــــ

مثل حديث جابر وعلى هذا فلا يصح ترجيح حديث ابن عمر على حديث جابر بأنه اتفق عليه الشيخان وهو الوجه الثاني من وجوه ترجيح حديث ابن عمر الأربعة المذكورة، هذا، وقد تعقب القاري على ما جمع به النووي بين حديثي جابر وابن عمر بأنه لا يحمل فعله - صلى الله عليه وسلم - على القول المختلف في جوازه فيأول بأنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بمكة ركعتي الطواف وقت الظهر ورجع إلى منى فصلى الظهر بأصحابه، أو يقال: الروايتان حيث تعارضتا فقد تساقطتا فتترجح صلاته بمكة لكونها فيها أفضل، ثم قال متعقبًا على التأويل الذي أول النووي به حديث عائشة أنه أخر الزيارة إلى الليل بأنه لا دلالة على التأويل المذكور لا لفظًا ولا معنىً، ولا حقيقة ولا مجازًا مع الغرابة في عرض كلامه إلى أنه عاد للزيارة فالأحسن أن يقال: معناه جوز تأخير الزيارة مطلقًا إلى الليل أو أمر بتأخير زيارة نسائه إلى الليل - انتهى. وأجيب أيضًا عن حديث عائشة في تأخير طواف الزيارة: إلى الليل بأن أحاديث طواف الإفاضة يوم النحر نهارًا أصح وأثبت فإنها مروية في الصحيحين فترجح على ما يخالفها، وبأن تحمل الأحاديث الدالة على الطواف نهارًا يوم النحر، وحديث عائشة على الطواف في بقية أيام النحر، وبما قال ابن حبان من أنه - صلى الله عليه وسلم - رمى جمرة العقبة ونحر ثم تطيب للزيارة ثم أفاض فطاف بالبيت طواف الزيارة ثم رجع إلى منى فصلى الظهر بها والعصر والمغرب والعشاء ورقد رقدة بها، ثم ركب إلى البيت ثانيًا وطاف به طوافًا آخر بالليل، فعلى هذا ما رواه أحمد عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زار ليلاً، إما أن يكون المراد به طواف الوادع أو طواف تطوع وزيارة محضة نافلة، وقد روى البيهقي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يزور البيت كل ليلة من ليالي منى، وروى الطبراني أيضًا نحوه وسيأتي مزيد الكلام في حديث عائشة في باب خطبة يوم النحر ورمي أيام التشريق حيث ذكره المصنف من رواية عائشة وابن عباس رضي الله عنهما، وقيل أي في وجه الجمع بين حديثي جابر وابن عمر: يحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - صلى بمنى أيضًا مقتديًا خلف رجل من أصحابه وقال المحب الطبري: الجمع بين الروايات كلها ممكن إذ يحتمل أن يكون صلى منفردًا في أحد الموضعين ثم مع جماعة في الآخر أو صلى بأصحابه بمنى ثم أفاض فوجد قوماً لم يصلوا فصلى بهم، ثم لما رجع وجد قوماً آخرين لم يصلوا فصلى بهم لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يتقدمه أحد في الصلاة، أو كرر الصلاة بمكة ومنى ليبين جواز الأمرين في هذا اليوم توسعة على الأمة، ويجوز أن يكون أذن في الصلاة في أحد الموضعين فنسب إليه وله نظائر – انتهى. والراجح عندنا في الجمع بين حديثيهما هو ما ذكره النووي بأنه - صلى الله عليه وسلم - طاف طواف الإفاضة قبل الزوال ثم صلى الظهر بمكة في أول وقتها ثم رجع إلى منى فصلى بها الظهر مرة أخرى بأصحابه حين سألوه ذلك فيكون متنفلاً بالظهر الثانية التي بمنى، وسيأتي شيء من الكلام في ذلك في شرح حديث ابن عمر في باب الحلق (فأتى) أي بعد فراغه من طواف الإفاضة (على بني عبد المطلب) هم أولاد العباس وجماعته لأن سقاية الحاج كانت وظيفته (يسقون) أي مر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015