..........................................................................

ـــــــــــــــــــــــــــــ

من النهار) قد دفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس إلى منى وخطب بها الناس ونحر بها بدنه المائة وقسمها وطبخ له من لحمها وأكل منه ورمى الجمرة وحلق رأسه وتطيب ثم أفاض وشرب من ماء زمزم ووقف عليهم وهم يسقون، وهذه أعمال يظهر منها أنها لا تنقضي في مقدار يمكن معه الرجوع إلى منى بحيث يدرك وقت الظهر في فصل آذار، ورجحت طائفة أخرى قول ابن عمر بأمور أربعة، أحدها: أنه لا يحفظ عنه في حجته - صلى الله عليه وسلم - صلى أنه صلى الفرض بجوف مكة بل إنما كان يصلي بمنزله بالمسلمين مدة مقامه، فكان يصلي بهم أين نزلوا لا يصلي في مكان آخر غير المنزل العام، والثاني: أن حديث ابن عمر متفق عليه أي رواه الشيخان، وحديث جابر من أفراد مسلم التي انفرد بها عن البخاري، فحديث ابن عمر أصح، فإن رواته أحفظ وأشهر، ولاتفاق الشيخين عليه، والثالث: أن حديث عائشة قد اضطرب في وقت طوافه، فروي عنها أنه طاف نهارًا، وفي رواية لأحمد وأبي داود والترمذي عنها أنه - صلى الله عليه وسلم - أخر الطواف إلى الليل (كما سيأتي) وفي رواية عند أبي داود عنها أنه أفاض أي طاف طواف الإفاضة من آخر يومه كما تقدم. والجمع وإن أمكن بين روايتها الثلاث بأن قولها ((إلى الليل)) أي إلى قربه بدليل قولها في الرواية الثانية من آخر يومه، وذلك بالنهار، وهو الرواية الأولى فلم تضبط فيه وقت الإفاضة ولا مكان الصلاة فتقدم رواية من ضبط، والرابع: أن حديث ابن عمر أصح منه بلا نزاع، حديث عائشة من رواية محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن ابن القاسم ولم يصرح بالسماع بل عنعن الحديث فلا يقدم على حديث عبد الله بن عمر، لأن رواته ثقات حفاظ مشاهير، وجمع النووي بين حديثي جابر وابن عمر بأنه - صلى الله عليه وسلم - طاف للإفاضة قبل الزوال ثم صلى الظهر بمكة أول الوقت، ثم رجع إلى منى فصلى بها الظهر مرةً أخرى بأصحابه حين سألوه ذلك فيكون متنفلاً بالظهر الثانية التي بمنى. قال: وما ورد عن عائشة وغيرها أنه أخر الزيارة يوم النحر إلى الليل فمحمول على أنه عاد للزيارة مع نسائه لا لطواف الإفاضة، كذا في المواهب وشرحه للزرقاني. وقد بسط ابن القيم الكلام في ذلك في الهدي بأكثر من هذا، من شاء فليراجعه، تنبيه: حديث ابن عمر المذكور كما عزاه الزرقاني إلى الصحيحين عزاه أيضًا إليهما المجد ابن تيمية والجزري والمنذري والمحب الطبري وهو وهمٌ منهم، فإن حديث ابن عمر هذا من أفراد مسلم لم يخرجه البخاري في صحيحه، نعم قال في باب ((الزيارة يوم النحر)) : وقال لنا أبو نعيم: ثنا سفيان عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه طاف طوافًا واحدًا، ثم يقيل ثم يأتي منى يعني يوم النحر. وهذا كما ترى موقوف على ابن عمر من فعله، وليس فيه ذكر صلاة الظهر، ثم قال البخاري: ورفعه عبد الرزاق قال حدثنا. فعلقه ولم يذكر لفظه، قال العيني: وصل هذا التعليق مسلم: أنبأنا محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى، وهكذا عزى حديث ابن عمر هذا إلى مسلم فقط الزيلعي في نصب الراية والبيهقي في معرفة السنن والسنن الكبرى والنابلسي في ذخائر المواريث وكل ذلك دليل على أن حديث ابن عمر من أفراد مسلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015