فصلى بمكة الظهر،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ليلة النحر قبل الوقوف ثم أسرع إلى عرفات فوقف قبل الفجر لم يصح طوافه لأنه قدمه على الوقوف – انتهى. وعند الحنفية أول وقت لطواف الإفاضة بعد طلوع الفجر يوم النحر وهو في يوم النحر الأول أفضل، ويمتد وقته إلى آخر العمر، فإن أخره عن أيام النحر كره تحريماً ووجب لترك الواجب وهذا عند الإمكان كذا في الدر المختار. وقال المحب الطبري: قد دلت الأحاديث على استحباب وقوع طواف الإفاضة في يوم النحر وأن يكون ضحوة النهار، وأول وقته عندنا الشافعية نصف الليل من ليلة النحر بدليل حديث أم سلمة أنها رمت الجمرة قبل الفجر ليلة النحر ثم مضت إلى مكة فأفاضت. وقال أبو حنيفة: أول وقته من طلوع الفجر ولا حد لآخر وقته عندنا ولا يجب بتأخيره عن أيام التشريق دم، وبه قال أحمد، وقال مالك: إن تطاول الزمان فعليه دم، وقال مرة لا شيء عليه. وقال أبو حنيفة: إن أخره إلى اليوم الثالث من أيام التشريق وجب عليه الدم وهو خلاف قول الكافة - انتهى. قال القاري: وأكثر العلماء ومنهم أبو حنيفة لا يجوز طواف الإفاضة بنية غيره خلافاً للشافعي حيث قال: لو نوى غيره كنذر أو وداع (أو تطوع أو قدوم) وقع الإفاضة - انتهى. واتفق العلماء على أنه لا يشرع في طواف الإفاضة رمل ولا اضطباع إذا كان قد رمل واضطبع في طواف القدوم (فصلى بمكة الظهر) قال النووي: فيه محذوف تقديره فأفاض فطاف بالبيت طواف الإفاضة ثم صلى الظهر، فحذف ذكر الطواف لدلالة الكلام عليه – انتهى. واختلف أين صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر يوم النحر؟ ففي رواية جابر هذه أنه صلى بمكة، وكذا قالت عائشة عند أبي داود وغيره، ولفظه عند أبي داود قال: أفاض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق، الحديث وسيأتي في الفصل الثاني من باب خطبة يوم النحر ورمى أيام التشريق. وفي حديث ابن عمر في الصحيحين أنه - صلى الله عليه وسلم - أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى. وقد ذكره المصنف في باب الحلق فهذا تعارض فرجح ابن حزم في كتاب حجة الوداع له قول عائشة وجابر وتبعه على ذلك جماعة بأربعة أوجه، أحدها: أنهما اثنان وهما أولى من الواحد وثانيها: أن عائشة أخص الناس به ولها من القرب والاختصاص ما ليس لغيرها، وثالثها: أن سياق جابر لحجته - صلى الله عليه وسلم - من أولها إلى آخرها أتم سياق وهو أحفظ للقصة، وضبطها حتى ضبط جزئيتها، حتى أقر منها ما لا يتعلق بالمناسك وهو نزوله في الطريق فبال عند الشعب وتوضأ وضوءاً خفيفاً، فمن ضبط هذا القدر فهو يضبط صلاة صلاته الظهر يوم النحر أولى. ورابعها: أن حجة الوداع كانت في آذار (وهو الشهر السادس في السنة – يونيو أو حزيران – من الشهور الرومية الشمسية على ما قال صاحب القاموس: يستوي فيه الليل والنهار ولا يكون النهار أطول من الليل، أو هو الشهر الثالث – مارس – بين شباط (فبرائر) ونيسان (أبريل) من الشهور الرومية الشمسية على ما قال غيره، ويكون في الليل أطول