ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها،

ثم ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأفاض إلى البيت،

ـــــــــــــــــــــــــــــ

إليه خمس بدنات رسلاً، وكان ذلك الرسل يبادرن ويتقربن إليه ليبدأ بكل واحدة منهن – انتهى. وقال الطبري بعد ذكر وجوه الجمع المذكورة عن ابن حزم: ليس في واحد من هذه الوجوه الثلاثة جمع بين الأحاديث الثلاثة، فإن الأول والثاني يخرج منهما حديث غرفة، والثالث يخرج منه حديث جابر، والأولى أن يقال: نحر سبعًا منفردًا، ثم تمام الثلاث والستين هو وعلي، ونسب الفعل إليه - صلى الله عليه وسلم - لما ذكرناه، ثم أمر عليًا بنحر ما بقي من المائة، والله أعلم (ثم أمر من كل بدنة) أي من المائة (ببضعة) بفتح الباء الثانية أي بقطعة من لحمها. قال النووي: البَضعة بفتح الباء لا غير وهي القطعة من اللحم. وقال الجوهري: هذه بالفتح وأخواتها بالكسر مثل القطعة والفلذة والفدرة والكسفة والخرقة، وفي العدد تكسر وتفتح مذكرًا كان أو مؤنثًا (فجعلت) أي القطع (في قدر) بكسر القاف (فأكلا من لحمها) قال المظهري: الضمير المؤنث يعود إلى القدر لأنها مؤنث سماعي. قال الطيبي: ويحتمل أن يعود إلى الهدايا. قال النووي: قال العلماء: لما كان الأكل من كل واحدة سنة، وفي الأكل من كل واحدة من المائة منفردة كلفة جعلت في قدر أي جمعت في قدر واحدة ليكون تناوله من مرق الجميع كالأكل من جميعها. ويأكل من اللحم المجتمع في المرق ما تيسر. وفيه استحباب الأكل من الهدي والأضحية. وأجمع العلماء على أن الأكل من الهدي والأضحية سنة ليس بواجب، وقد استدل به على جواز الأكل من هدي المتعة والقران على القول بأنه كان متمتعًا أو قارنًا، وقد تقدم أن الأصح عند المحققين من الشافعية أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا في آخره، فيرد عليهم أنه كيف أكل من هداياه وكان فيها دم القران أيضًا فلم يكن إذًا كلها هدايا تطوع وأضحية، ولا يجوز الأكل من الهدي الواجب كهدي التمتع والقران والنذر في مذهب الشافعي؟ قال الطبري: ولا حجة في هذا الحديث عليهم، إذ الواجب عليه سبع بدنة ويكون الأكل من حصة التطوع – انتهى. ولا يخفى ما فيه من التعسف (فأفاض إلى البيت) أي أسرع إلى بيت الله ليطوف به طواف الإفاضة، ويسمى أيضًا طواف الزيارة وطواف الفرض والركن. قال الطبري: الإفاضة الدفع في السير. وقال ابن عرفة: أفاض من المكان إذا أسرع منه لمكان آخر. وقال غيره: أصل الإفاضة الصب فاستعير للدفع في السير، وأصله أفاض نفسه أو راحلته فرفضوا ذكر المفعول حتى أشبه غير المتعدي. وطواف الإفاضة هو الذي يكون إثر الإفاضة من منى إلى مكة، ويقال له أيضًا طواف الزيارة وطواف الفرض. قال النووي: طواف الإفاضة ركن من أركان الحج بإجماع المسلمين وأول وقته عندنا من نصف ليلة النحر وأفضله بعد رمي جمرة العقبة وذبح الهدي والحلق، ويكون ذلك ضحوة يوم النحر. ويجوز في جميع يوم النحر بلا كراهة، ويكره تأخيره عنه بلا عذر، وتأخيره عن أيام التشريق أشد كراهة، ولا يحرم تأخيره سنين متطاولة ولا آخر لوقته، بل يصح ما دام الإنسان حيًّا وشرطه أن يكون بعد الوقوف بعرفات، حتى لو طاف للإفاضة بعد نصف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015