ولم يسبح بينهما شيئًا،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
واحدة منهما، وأخرجه أبو داود وقال: ولم يناد في الأولى. وفي رواية عنده أيضًا ((ولم يناد في واحدة منهما)) وحكى البغوي والمنذري أن هذا قول الشافعي وإسحاق بن راهويه، وحكى غيرهما أن أصح قولي الشافعي أنه يجمع بينهما بأذان وإقامتين ومنهم من قال: بإقامة واحدة دون أذان، ودليلهم ما رواه الشيخان والنسائي عن ابن عمر أنه صلى بجمع المغرب والعشاء بإقامة واحدة ثم انصرف فقال هكذا صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا المكان، وأخرجه أبو داود وزاد بعد قوله ((بإقامة واحدة)) ((ثلاثًا واثنين)) وبه قال سفيان الثوري وقال: أيهما فعلت أجزأك. قال المحب الطبري بعد ذكر هذه الروايات ما لفظه: وهذه الأحاديث المختلفة في هذا الباب توهم التضاد والتهافت، وقد تعلق كل من قال بقول منها بظاهر ما تضمنه ويمكن الجمع بين أكثرها فنقول قوله ((بإقامة واحدة)) أي لكل صلاة أو على صفة واحدة لكل منهما، ويتأيد برواية من صرح بإقامتين، ثم نقول: المراد بقول من قال كل واحدة يإقامة، أي ومع إحداهما أذان، تدل عليه رواية من صرح بأذان وإقامتين، وأما قول ابن عمر لما فرغ من المغرب ((الصلاة)) قد يوهم الاكتفاء بذلك دون إقامة، ويتأيد برواية من روى أنه صلاهما بإقامة واحدة، فنقول: يحتمل أنه قال ((الصلاة)) تنبيهًا لهم عليها لئلا يشتغلوا عنها بأمر آخر، ثم أقام بعد ذلك أو أمر بالإقامة، وليس في الحديث أنه اقتصر على قوله الصلاة ولم يقم، ونقول: العمدة من هذه الأحاديث كلها حديث جابر دون سائر الأحاديث، لأن من روى أنه جمع بإقامة معه زيادة علم على من روى الجمع دون أذان ولا إقامة، وزيادة الثقة مقبولة، ومن روى بإقامتين فقد أثبت ما لم يثبته من روى بإقامة فقضى به عليه، ومن روى بأذان وإقامتين وهو حديث جابر وهو أتم الأحاديث فقد أثبت ما لم يثبته من تقدم ذكره فوجب الأخذ به والوقوف عنده، ولو صح حديث مسند عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل حديث ابن مسعود الذي أخذ به مالك من أذانين وإقامتين لوجب المصير إليه لما فيه من إثبات الزيادة، ولكن لا سبيل إلى التقدم بين يدي الله ورسوله ولا إلى الزيادة على ما صح عنه - صلى الله عليه وسلم - انتهى. وقال ابن حزم: وأشد الاضطراب في ذلك عن ابن عمر فإنه روي عنه من عمله الجمع بينهما بلا أذان ولا إقامة، وروي عنه أيضًا بإقامة واحدة، وروي عنه موقوفاً بأذان واحد وإقامة واحدة، وروي عنه مسندًا الجمع بينهما بإقامتين، وروي عنه مسندًا بأذان واحد وإقامة واحدة – انتهى. وقد ظهر مما ذكرنا من كلام الزبيدي وابن الهمام والطبري وابن حزم أن الروايات في هذا الباب مختلفة جدًا وقد تقدم وجه التطبيق والجمع بينهما ورجحان وحدة الأذان لإقامة في الجمع بين الصلاتين بالمزدلفة (ولم يسبح بينهما شيئًا) أي لم يصل بين المغرب والعشاء شيئًا من النوافل والسنن. والنافلة تسمى سبحة لاشتمالها على التسبيح ففيه المولاة بين الصلاتين المجموعتين. وقد ورد الفصل بينهما بإناخة كل إنسان بعيره في حديث أسامة عند الشيخين وهذا لا ينافي الموالاة. وأما سنة المغرب