ثم اضطجع حتى طلع الفجر، فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة،
ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وراتبة العشاء فلم يرد ذكرها في حديث خلافًا لما هو المعتمد عند الحنفية (ثم اضطجع) أي للنوم تقوية للبدن ورحمة للأمة، لأن في نهاره عبادات كثيرة يحتاج إلى النشاط فيها (حتى طلع الفجر) قال في المواهب وشرحه: وترك عليه السلام قيام الليل تلك الليلة ونام حتى أصبح لما تقدم له من الأعمال بعرفة من الوقوف من الزوال إلى ما بعد الغروب، واجتهاده عليه السلام في الدعاء وسيره بعد الغروب إلى المزدلفة، واقتصر فيها على صلاة المغرب والعشاء قصرًا لها وجمعًا لهما جمع تأخير، ورقد بقية ليلته مع كونه عليه السلام كان يقوم الليل حتى تورمت قدماه، ولكنه أراح نفسه الشريفة لما تقدم في عرفة من التعب، وقد قال: إن لجسدك عليك حقًا. ولما هو بصدده يوم النحر من كونه نحر بيده الشريفة ثلاثًا وستين بدنة، وباقي المائة نحره عليّ، وذهب إلى مكة لطواف الإفاضة ورجع إلى منى – انتهى. قال القاري: ثم المبيت عندنا سنة وعليه بعض المحققين من الشافعية، وقيل: واجب، وهو مذهب الشافعي، وقيل: ركن لا يصح الحج إلا به كالوقوف بعرفة وعليه جماعة من الأجلة. وقال مالك: النزول واجب والمبيت سنة، وكذا الوقوف بعده ثم المبيت بمعظم الليل، والصحيح أنه بحضور لحظة بالمزدلفة – انتهى. وقال النووي: بمزدلفة ليلة النحر بعد الدفع من عرفات نسك، وهذا مجمع عليه، لكن اختلف العلماء هل هو واجب أم ركن أم سنة؟ والصحيح من قولي الشافعي أنه واجب، لو تركه أثم وصح حجمه ولزمه دمه. والثاني أنه سنة لا إثم في تركه ولا يجب فيه دم ولك يستحب. وقال جماعة من أصحابنا: هو ركن لا يصح الحج إلا به كالوقوف بعرفات، قاله من أصحابنا ابن بنت الشافعي وأبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وقاله خمسة من أئمة التابعين وهم علقمة والأسود والشعبي والنخعي والحسن البصري، والله أعلم. والسنة أن يبقى بالمزدلفة حتى يصلي بها الصبح إلا الضعفة، فالسنة لهم الدفع قبل الفجر كما سيأتي في موضعه وفي أقل المجزئ من هذا المبيت ثلاثة أقوال عندنا، الصحيح: ساعة في النصف الثاني من الليل، والثاني: ساعة في النصف الثاني أو بعد الفجر قبل طلوع الشمس، والثالث: معظم الليل (فصلى الفجر حين تبين له الصبح) أي ظهر له. قال النووي: فيه أن السنة أن يبالغ بتقديم صلاة الصبح في هذا الموضع ويتأكد التبكير بها في هذا اليوم أكثر من تأكده في سائر السنة للإقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولأن وظائف هذا اليوم كثيرة، فسن المبالغة بالتكبير للصبح ليتسع الوقت للوظائف (ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام) زاد في رواية أبي داود وابن ماجة وابن الجارود والبيهقي ((فرقى عليه)) والمشعر بفتح الميم والعين كما في القرآن، وقيل بكسر الميم، موضع خاص من المزدلفة، سمي بالمشعر لأنه معلم للعادة، والحرام لأنه من الحرم أو لحرمته. قال النووي: المَشعر بفتح الميم هذا هو الصحيح وبه جاء القرآن، وتظاهرت