إنَّ الكرى بَشَّرني بوصلكُمْ ... نِعْمَ الكرى إنْ صَدَقَت أحلامُهُ
ولستُ أدري والذي سَنَّ الهوى ... سِهامُكُم أَقْتلُ أم سهامُهُ (?)
فيها حُوصرت بغداد، جَمَعَ محمد شاه التُّرْكمان والأكراد، وقرُبَ من بغداد، وبعث إلى الخليفة يَطلُب الخطبة والسَّلطنة، فقيل له: السُّلْطان هو سنجر وأنتم مختلفون.
وعَرَضَ الخليفة العساكر، وجاء خطلبرس من واسط، وعصى أرغش صاحب البَصرة، وأخذ واسطًا، واستعدَّ الخليفة للحصار، وجَمَعَ السُّفن إلى تحتِ التَّاج، وذلك في سادس عشرة المحرَّم، ونودي: لا يبقى في الجانب الغربي أحدٌ. فَعَبرَ النَّاسُ بأموالهم وأهلهم إلى دار الخلافة، وجاء محمد شاه، فعَبَرَ دِجلة من فوق حَربى، ونَهَبَ الدُّجَيل وأَوَانا وغيرَها، وجاءه كوجك بعساكر المَوْصِل والجزيرة، واتَّفقا، وضرب محمد شاه خيامه بالرَّملة، وقطع الخليفة الجسر، وأخذ زواريقه إلى تحت التَّاج، وأخرج سبعة آلاف جوشن، ففَرَّقها، ولبس الناسُ السّلاح، ونَصَبَ الخليفةُ المجانيق والعَرَّادات فكانت مئتين وسبعين منجنيقًا وعَرَّادة، في كلِّ منجنيق أربعون رجلًا، وكان يُخْرج كل يوم من الخزانة أكثر من مئة كُرّ حنطة يُطعِمُه النَّاس، وأَذِنَ للوعَّاظ في الجلوس بعد مَنعهم سنة وخمسة أشهر، فجعلوا يحرِّضون الناس على قتال البغاة والخوارج.
وفي العشرين من المحرَّم ركبت عساكر محمد شاه وكوجك، وجاؤوا إلى الرَّقَّة (?)، ووقفوا بإزاء التَّاج، ورموا بالنُّشَّاب إلى التَّاج، وركب إليهم صِبْيان بغداد في السُّفُن، ورموا بالنُّشَّاب وقاتلوهم، وضربوا أميرًا منهم بالنفط فأحرقوه، وظهروا عليهم، فرجعوا.
فلما كان يوم السبت ثالث صفر، ركبوا بجمعهم، وانتشروا على دِجلة، وخرج إليهم عسكر الخليفة في السُّفن، وجاءتهم سفن من واسط فيها مِيرة وما يحتاجون إليه،