وقال ابنُ القلانسي: وصل أسدُ الدِّين شيركوه إلى غوطة دمشق في ألفِ فارس، فنزل على القَصب في المَرْج على أنَّه رسولٌ من نور الدِّين، فلم يخرج إليه أحدٌ من دمشق، وذلك في [العشر] (?) الثَّاني من المحرَّم، فلما كان يوم الأحد ثالث صفر وصل نور الدين في عسكره، وخيَّم بعيون الفاسريا، ثم رحل من الغد، فنزل ببيت الآبار، وزحف إلى البلد من شرقيِّه، وزحف إليه من عسكر دمشق وأحداثه الخَلقُ الكثير، ووقع الطِّرادُ بينهم أيامًا، فلمَّا كان يوم الأحد عاشر صفر زحف نور الدين، وظهر إليه العسكر من دمشق على العادة، ووقع الطِّراد [بينهم] (2)، فدفعهم نورُ الدِّين إلى بابِ كَيْسان، ولم يبق على السُّور أحد لسوء تدبير مجير الدِّين، وجاء واحد من رَجَّالة نورِ الدِّين إلى السُّور وعليه امرأة يهودية، فدلَّت إليه حَبْلًا، فتسلَّق فيه، وتبعه الرَّجَّالة، وأصعدوا علمًا، وصاحوا: نور الدين يا منصور. وامتنع الأجناد والرَّعية من القتال لما هم عليه من بُغْض مجير الدِّين وظُلْمه، [وعَسْفه للرعية] (2) ومحبتهم لنور الدين [لعدله وخيره] (?)، وبادر بعض [قطاعي الخشب] (?) بفأسٍ إلى الباب الشرقي فكَسَرَ أغلاقه وفَتَحَه، ودخل العسكر، فلم يقف بين أيديهم أحدٌ، ودخل نور الدِّين، ودخل مجير الدِّين إلى القلعة ومعه خواصُّه، وأغلق أبوابها، فأرسل إليه نورُ الدِّين، وأمَّنه على نفسه وماله، ونادى بأمانِ أهل البلد على نفوسهم ودورهم وأموالهم، وتقرَّرَ الأمر بينه وبين مجير الدِّين على حِمْص، وكتَبَ له منشورًا بها، وخرج إليها بأمواله وأسبابه، وأَحْسَنَ نور الدِّين إلى النَّاس، وأطلق المكُوس والضَّمانات، [ثم تلا ذلك إبطال حقوق] (?) دار البِطِّيخ وسوق الخيل (?) وما يؤخذ من الأنهار وغير ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015