انتهى إليه عِلْم النَّحْو والعربية ببغداد، وسمع الحديث، وطال عُمُره، وتمتَّع بجوارحه وعقله، وقال: ما سَمِعْتُ في المَدْح أبلغ من شعر أبي فراس بن حَمْدان: [من الكامل]
وأمامك الأعداءُ تَطْلبُهُمْ ... ووراءَكَ القُصَّادُ في الطَّلَب
فإذا سَلَبْتَهُمُ وَقَفْتَ لهم ... فَسُلِبْتَ ما تحوي من السَّلَبِ (?)
وما سمعتُ في الذَّمِّ أبلغ [من بيتٍ لمسكويه] (?): [من الطويل]
وما أنا إلَّا المِسْكُ ضاعَ وعندكم ... يضيعُ وعند الأكرمينَ يَضُوعُ
فيها فارق جماعةٌ من الأُمراء السُّلْطان مسعود، وكان على هَمَذَان، بسبب صبيٍّ كان عنده يقال له خاصبك بن البلنكري (?) كان قد استولى عليه، وقصدوا بغداد، ومعهم محمد شاه بن محمود، وهم: البقش وألدكز وقيصر وألطرنطاي وعليّ بن دُبَيس وغيرهم، ونزلوا شَهْرابان (?)، فانهزم النَّاس من بين أيديهم، وقُطِعَ الجسر ببغداد، [يقال: إنَّ شحنة مسعود ببغداد قطع الجسر] (?)، وكان الغزنوي الواعظ قد تولَّى عمله، وعَمِلَ له درابزينات من الجانبين، فبعث الخليفةُ ابنَ العَبَّادي الواعظ إليهم، يقول: أميرُ المؤمنين يقول لكم في أي شيء جئتم؟ وما مقصودكم؟ فإنَّ النَّاسَ قد انزعجوا بسبب مجيئكم. فقالوا: نحن عبيد هذه العتبة الشريفة، وعبيد السُّلْطان ومماليكه، وما فارقناه إلّا خوفًا من خاصبك، فإنه أفنى الأُمراء؛ قَتَلَ عبدَ الرحمن بن طُغايرك (?) وعَبَّاسًا وبوزبا، وعدُّوا جماعة، وما عنِ النُّفوس عِوَض، فإمَّا نحن وإمَّا هو، فإنَّه هو الذي يحمل السُّلْطان على قَتْلنا، وما نحن خوارج ولا عصاة.