ويقال: إنَّ سبَبَ غَضَبِ نظامِ الملك على ابن الهَبَّارِيَّة قولُه، وكتب بها إليه: [من الوافر]
أَيَجمُلُ يا نظامَ المُلْك أنِّي ... أُعاودُ مِنْ حِماكَ كما قَدِمْتُ
وأصدُرُ عن حِياضِك وَهْيَ نَهْبٌ ... بأفواهِ السّقاةِ وما وَرَدتُ
يدلُّ على فِعالِكَ سوءُ حالي ... ويَنْطِقُ عن مقالي إنْ كَتَمتُ
إذا اسْتُخْبِرْتُ ماذا نِلتَ منه ... وقد عَمَّ الوفودَ ندًى سَكَتّ
وما في الوافدينَ عليكَ شَخصٌ ... يَمُتّ من الولاء كما أَمُتُّ
هُمُ دُوْني إذا اخْتُبِروا جميعًا ... فلمْ بالدّونِ دُونَهُم خُصِصتُ
ولي أَصل وفَضْلٌ غيرُخافٍ ... ولكنْ ما لفَضْلٍ منكَ بَخْتُ
إذا ما ضُعْتُ عند بني جَهِيرٍ ... وعندك مَعْ سَمَاحِكَ وامتُهِنْتُ
فأينَ الفَرْقُ بَينَكُمُ وماذا ... ببُعدي عن ديارِهُم اسْتَفَدْتُ
وها أنا ساكِتٌ فإنِ اصطلَحْنا ... وإلَّا خانَني صبري وقلْتُ
وبلغ النِّظام، فأَهْدَرَ دَمَه.
[وقال عُبيد الله بن علي المعروف بابن المارَسْتانية في "ذيل تاريخ بغداد": لما أهْدَرَ نظامُ الملك دَمَ ابن الهبارية] (?) استجار بصَدْر الدِّين محمد الخُجَنْدي، وكان يمضي في كل يوم [اثنين] (?) إلى دار النِّظام بأَصبهان ومعه الفقهاء للمناظرة. فقال لابنِ الهبارية: ادخلْ معنا في جُمْلة الفقهاء متنكّرًا، فإذا فَرَغَتِ المناظرة، فَقُمْ في المجلس مستغفرًا. فَفَعلَ، فقال الخُجَنْدي: قال الله تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224] وقال: {إلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} [الفرقان: 70]، والخادمُ يسأل العفو عن الشَّريف بقَبُول شفاعتِه خاصَّة وشفاعة الفقهاءِ عامَّة، فقال النِّظام {عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} [المائدة: 95]، ثم أذِنَ له في الإنشاد، فقام، وقال: [من المتقارب]
لعِزَّة أَمْرِكَ دارَ الفَلَكْ ... حَنَانَيكَ فالأَمْرُ والنَّهيُ لكْ
فقال النِّظامُ: كَذَبْتَ، ذاك اللهُ تعالى: فقال: