أبو يعلى، العَبَّاسي، ابن الهَبَّارية، الشَّاعر البغدادي، كان فيه إقدامٌ بالهَجْو على أرباب المناصب، [فحكى أبو المعالي الكتبي في كتاب "زينة الدهر في فضلاء أهل العصر" أنَّ ابنَ الهبارية] (2)، خَرَجَ مِنْ بغداد، وقدِمَ أصبهان، وبها السُّلْطان مَلِك شاه [ابن ألب رسلان] (?)، ووزيره نظامُ المُلْك، فدَخَلَ على النِّظام، ومعه رُقْعتان رُقْعة فيها هَجْوه، والأُخرى مَدْحُه، فأعطاه التي فيها هجوه، [فقرأها النِّظام، فإذا فيها هذه الأبيات] (?): [من مجزوء الكامل]
لا غَرْوَ إنْ مَلَكَ ابن إسـ ... ـحاقٍ وساعده القَدَرْ
وصفَا لدَوْلَتِهِ وخَصَّ (م) ... أبا المحاسنِ بالكَدَرْ
فالدَّهْرُ كالدُّولابِ ليـ ... ـس يدورُ إلَّا بالبَقَرْ
يعني بَقَرطُوس. فكتَبَ النِّظامُ على رأسها: يطلق لدى القواد رسمه مضاعفًا.
وأبو المحاسن صِهْرُ نظام المُلْك، ويقال له: أبو الغنائم، وكان بينه وبين النظام منافرة، وكان ابنُ الهَبَّارية يميلُ إلى أبي المحاسن، فَنَقَمَ عليه النِّظامُ بهذا السبب.
[وذكره العماد الكاتب في "الخريدة"، وقال، (?): إنَّ أبا الغنائم يلقَّب بتاج المُلْك وهو ابن دارست، قال لابنِ الهَبَّارية: اهجُ النِّظام. فقال: كيف أهجوه، وهو مُنعِمٌ عليَّ؟ -فَحمَلَه على أن سأله شيئًا يَصعُبُ إجابته [إليه] (?)، فسأله فمنعه، فَعَمِلَ هذه الأبيات، فلما وَصَلَتْ إلى النّظام، قال: جَعَلَني من بقرطوس. ثم استدعاه، وخَلَعَ عليه، وأعطاه خمس مئة دينار. فقال [ابن الهبَّارية] (2) لتاجِ المُلْك: ألم أقل لك إني ما أهجوه، وهذا فِعْلُه في حَقِّي؟ (?).