التدريس، والرِّياسة، ولَبِسَ الخامَ الغليظ، ولازم الصَّوْم، وكان لا يأكل إلَّا من أُجْرة النَّسخ, , وحَجَّ وعاد.

ثم رحل إلى الشَّام، وأقام ببيتِ المقدس ودمشق مُدَّةً يطوفُ المشاهد، وأخَذَ في تصنيف كتاب "الإحياء" في القُدْس، ثم تَمَّمه بدمشق، إلَّا أنَّه وضَعَه على مذهب الصُّوفية وترك فيه قانون الفِقْه، مثل أنَّه ذَكَرَ في مَحْو الجاه ومجاهدةِ النَّفس: أنَّ رجلًا أراد مَحْوَ جاهِهِ، فدخل الحَمَّام، فلبس ثيابَ غيره، ثم لَبسَ ثيابَهُ فوقها، وخَرَجَ يمشي على مَهَلٍ حتَّى لَحِقُوه، فأخذوها منه، فسمّي سارِقَ الحَمَّام (?).

وذِكرُ مِثْلِ هذا على سبيل التعليم للمريدين قبيحٌ (?)؛ لأنَّه متى كان للحمّام حافِظٌ وسَرَقَ منه سارق قُطِعَ، ثم لا يَحِلُّ لمسلمٍ أَنْ يتعرَّضَ لأمرٍ يأثَمُ النَّاس به في حَقِّه.

وذكر فيه أنَّ رجلًا اشترى لحمًا، فرأى فينفسه أنَّه يستحي من حَمْلِهِ إلى بيته، فعلَّقه في عُنُقه ومشى، وهذا في غاية القُبْح، ومِثلُه كثير (?).

قال الشيخ أبو الفرج بن الجوزي، رحمه الله: وقد جمعت أغلاط الكتاب "إعلام الأحياء بأغلاط الإحياء" وأشرتُ إلى بعض ذلك في كتابي المسمَّى بـ"تلبيس إبليس"، وذَكَرَ في كتاب "النكاح": أنَّ عائشة - رضي الله عنها - قالت لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أنتَ الذي تزعم أنَّك رسولُ الله (?)؟ وهذا محال (?).

وإنما كان سبب إعراضه فيما وضعه عن مقتضى الفِقْه أنَّه صَحِبَ الصُّوفية، فرأى حالاتِهم الغاية. وقال: إنِّي أخَذتُ الطَّريقة من أبي علي الفارْمَذِي (?)، وامتَثَلْتُ ما كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015