فاستَحلبَتْ حلبٌ جفنيَّ فانهملا ... وبشَّرَتْني بحرِّ القتلِ حَرَّانُ
فقال تُتُش: من هذا؟ فقيل له: [هذا ابنُ (1)] أسد الذي حشد الجموع قبل دخولك ميَّافارقين وسلَّمها إِلَى ابن مروان، فقال: اضربوا عنُقَه. فضربوا عُنُقَه، وكان قولُه: "وبشَّرتْني بحرِّ القتلِ حرَّانُ" فألًا على هلاكه.
وكان شاعرًا، فصيحًا، فاضلًا، عارفًا باللغة والأدب، من أعيان أهل ميَّافارقين، ومن شعره: [من البسيط]
يا مَنْ إذا ما بدا والبدرُ كانَ لَهُ ... عليهِ فِي الحُسْنِ إشراقٌ ولَألاءُ
كم [قد] (1) سألتُكَ لي وصلًا فلا نَعَمٌ ... كانت جوابَكَ لي فيه ولا لاءُ
وقال أَيضًا: [من البسيط]
ما العمرُ لو فهِمَ الإنسانُ غايتَهُ ... إلَّا مكارِهُ لا تَفنى وأسواءُ
وما البريةُ إلَّا واحدٌ وهُمُ ... فِي قيمة الذاتِ أكفاءٌ وأسواءُ
وقال أَيضًا: [من المتقارب]
إذا ما نبا بلدٌ بي رحَلْتُ ... وألقيتُ حبلي على غاربي
وأصبحتُ ذا كوكبٍ طالعٍ ... لجوبِ المفاوزِ أو غاربِ
فباعِدْ إذا ما نويتَ الرَّحيلَ ... بهمِّكَ فِي الأرضِ أو قارب
[فمَنْ لجَّ فِي خوضِ لُجٍّ الفَلا ... ةِ لم يقربِ الموتَ من قاربِ] (?)
فسِرْ أو تموتَ غريبًا بغَيرِ ... أخٍ لك راثٍ ولا نادبِ
وإنْ أنتَ ناديتَ أهلَ الحِفاظِ ... فعرِّضْ بذكرِيَ أو نادِ بي
يُجِبْكَ فتًى نَسبَتْهُ الكِرامُ ... مفاخِرُه حليةُ الناسبِ
شَرُفْتُ فأكثرتُ غيظَ الحسودِ ... وأنكَرني أعرَفُ الناسِ بي
وقال أَيضًا: [من الوافر]
قديمًا كان فِي الدنيا أناسٌ ... بهمْ تحيا العُلا والمكرماتُ
فلمَّا عال فِعْلَ الخيرِ دهرٌ ... بهِ عاشَ الخنا والمكرُ ماتوا