السلطان، وكان ينَّال مقيمًا بطُوس، ووصل داود ابن أخي السلطان بِنيَّة غزاة الروم، وكان معه خلقٌ كثير، فتعوَّض به عن إبراهيم يَنَّال، وسار السلطان إلى الموصل، واندفع البساسيري عنها مقدار عشرة فراسخ، ونزل السلطان تل بُوَيه، وهرب أهلُ الموصل، وعبر السلطان إليها يوم الثلاثاء رابع الشهر، فنزل دار الإمارة، ونزل أصحابه دور النَّاس، وكانت قد خَلَتْ منهم، وكتب السلطان إلى الخليفة يخبره بنزوله الموصل، وسار منها، فنزل الدَّكَّة، والبساسيري ومَنْ معه بِنَوْشَرى (?) وبينهم عشرة فراسخ، وأقطع السلطان الموصل لهزارسب، وطالبه العسكر بنهبها، فقال: هذا بلد قد أقطعناه لهزارسب وقد خَدَمنا، ونحن محتاجون إلى الإقامات والعلوفات. فقالوا: إمَّا تأذن لنا في نهبه، وإلَّا انصرفنا. وسأله هزارسب في حريم المسلمين وأموالهم، فقال: قد دافعتُ عنهم وما أطقتُ، ولا بدَّ لهم من إقامات أو عطاء، وما معي مال، فنمضي الليلة ونُخرِجُ مَنْ في البلد إلى معسكرك ليحرزوا نفوسهم، فأرسل إلى أهل البلد، وأخبرهم، فارتاعوا، وخرج مَنْ قَدَر منهم، وأصبح العسكر فدخلوا البلد، فما أمسى إلَّا وهو خراب دارس، وحمي لهزارسب النساءُ والرجالُ، وفرَّق فيهم مالًا، وأعادهم إلى البلد.
ذكر ما جرى بين عسكر السلطان والعرب:
لمَّا طالت المدة في المقام ضجر كلُّ واحد من الفريقين، فقال هزارسب للسلطان وكان عنده في المنزلة العالية يستشيره في أمور المصلحة: أسير وأُشرف على حلل العرب، فإما أن نُنتج صلحًا، أو نُثير حربًا، فقد طال المُقام، وإني أجود معي ألفَ غلام [ممن أختار. فقال له السلطان: أَلْف غلام] (?) لا يكفونك، فخذ ثلاثة آلاف. فقال: في أَلْف كفاية، وفي الزيادة عليهم تعب. وإنما أسري جريدةً (?). فقال: افعَلْ. وسار وأقام الكمناء، فوافق العربَ راحلين إلى بَرْقعيد، فلما رأوا طلائعه لم يشكُّوا أنَّه السلطان بنفسه، فانهزموا، وتبعهم أسرًا وقتلًا، وأُخذ محمَّد بن منصور أسيرًا، وعاد